(13) المشاكلة
  فلان من الصداقة حدا صح معه أن يستخلص منه آخر مثله فيها. ونحو: [الطويل]
  ترى منهم الأسد الغضاب إذا سطوا ... وتنظر منهم في اللقاء بدورا
  ب - ومنها: ما يكون بواسطة «الباء» التجريدية الداخلة على المنتزع منه. نحو قولهم، لئن سألت فلانا لتسألن به البحر، بالغ في اتصافه بالسماحة، حتى انتزع منه بحرا فيها.
  ج - ومنها: ما لا يكون بواسطة، نحو: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ}[التوبة: ١٢]
  د - ومنها: ما يكون بطريق الكناية، كقول الأعشى: [المنسوخ]
  يا خير من ركب المطيّ ولا ... يشرب كأسا بكف من بخلا(١)
(١٣) المشاكلة
  المشاكلة: هي أن يذكر الشيء بلفظ غيره، لوقوعه في صحبته كقوله تعالى: {تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ}[المائدة: ١١٦] المراد: ولا أعلم ما عندك. وعبر بالنفس للمشاكلة ونحو: قوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ}[الحشر: ١٩] أي أهملهم. ذكر الإهمال هنا بلفظ النسيان لوقوعه في صحبته. ومن ذلك ما حكي عن أبي الرقمع: أن أصحابا له، أرسلوا يدعونه إلى الصبوح في يوم بارد، ويقولون له: ماذا تريد أن نصنع لك طعاما؟
(١). أي يشرب الكأس بكف الجواد، انتزع منه جوادا يشرب هو بكفه عن طريق الكناية، لأن الشرب بكف غير البخيل يستلزم الشرب بكف الكريم وهو لا يشرب إلا بكف نفسه. فإذا هو ذلك الكريم.
ومن التجريد خطاب المرء نفسه، كقول المتنبي: [البسيط]
لا خيل عندك تهديها ولا مال ... فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
أي الغني، فقد انتزع من نفسه شخصا آخر وخاطبه، وهذا كثير في كلام الشعراء، وإنما سمي هذا النوع تجريدا لأن العرب تعتقد أن في الإنسان معنى كامنا فيه كأنه حقيقته، فتخرج ذلك إلى ألفاظها مجردا عن الإنسان، كأنه غيره. وفائدة هذا النوع «مع التوسع» أن يثبت الإنسان لنفسه ما لا يليق التصريح بثبوته له.