جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

الباب الثاني في المحسنات اللفظية

صفحة 353 - الجزء 1

  ٧ - والتخلص: هو الخروج والانتقال مما ابتدئ به الكلام إلى الغرض المقصود، برابطة تجمل المعاني آخذا بعضها برقاب بعض، بحيث لا يشعر السامع بالانتقال من نسيب، إلى مدح، أو غيره، لشدة الالتئام والانسجام. ومنه قول الشاعر: [الكامل]

  وإذا جلست إلى المداد وشربها ... فاجعل حديثك كله في الكأس

  وإذا نزعت عن الغواية فليكن ... (للّه) ذاك النزع لا للناس

  وإذا أردت مديح قوم لم تلم ... في مدحهم فامدح بني العباس

  وقوله: [الكامل]

  دعت النوى بفراقهم فتشتتوا ... وقضى الزمان ببينهم فتبددوا

  وقد ينتقل مما افتتح به الكلام إلى الغرض المقصود مباشرة، بدون رابطة بينهما، ويسمى ذلك اقتضابا كقول أبي تمام: [الخفيف]

  لو رأى اللّه أن في الشيب خيرا ... جاورته الأبرار في الخلد شيبا

  كل يوم تبدي صروف الليالي ... خلقا من أبي سعيد غريبا

  ٨ - وحسن الانتهاء: ويقال له حسن الختام هو أن يجعل المتكلم آخر كلامه، عذب اللفظ، حسن السبك؛ صحيح المعنى. مشعرا بالتمام حتى تتحقق براعة المقطع بحسن الختام.

  إذ هو آخر ما يبقى منه في الأسماع وربما حفظ من بين سائر الكلام لقرب العهد به.

  يعنى: أن يكون آخر الكلام مستعذبا حسنا، لتبقى لذته في الأسماع مؤذنا بالانتهاء بحيث لا يبقى تشوقا إلى ما وراءه كقول أبى نواس: [الطويل]

  وإني جدير إذ بلغتك بالمنى ... وأنت بما أملت فيك جدير

  فإن تولني منك الجميل فأهله ... وإلا فإني عاذر وشكور

  وقول غيره: [الطويل]

  بقيت بقاء الدهر يا كهف أهله ... وهذا دعاء للبرية شامل