جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

الباب الثاني في المحسنات اللفظية

صفحة 352 - الجزء 1

  ٦ - وحسن الابتداء: أو براعة المطلع: هو أن يجعل أول الكلام رقيقا سهلا، واضح المعاني، مستقلا عما بعده؛ مناسبا للمقام؛ بحيث يجذب السامع إلى الإصغاء بكليته؛ لأنه أول ما يقرع السمع؛ وبه يعرف مما عنده.

  قال ابن رشيق: إن حسن الافتتاح داعية الانشراح؛ ومطية النجاح، وذلك مثل قول الشاعر: [البسيط]

  المجد عوفي إذ عوفيت والكرم ... وزال عنك إلى أعدائك السقم

  وتزداد براعة المطلع حسنا، إذا دلت على المقصود بإشارة لطيفة.

  وتسمى براعة استهلال⁣(⁣١) وهي أن يأتي الناظم، أو الناثر: في ابتداء كلامه بما يدل على مقصوده منه، بالإشارة لا بالتصريح.

  قول أبي محمد الخازن مهنئا الصاحب بن عبا بمولود: [البسيط]

  بشرى فقد أنجز الاقبال ما وعدا ... وكوكب المجد في أفق العلا صعدا

  وقول غيره، في التهنئة ببناء قصر: [الكامل]

  قصر عليه تحية وسلام ... خلعت على جمالها الأيام

  وقول المرحوم احمد شوقي بك في الرثاء [الكامل]

  أجل وإن طال الزمان موافي ... أخلى يديك من الخليل الوافي

  وقول آخر في الاعتذر: [الوافر]

  لنار الهم في قلبي لهيب ... فعفوا أيها الملك المهيب

  وقد جاء في الأخبار أن الشعر قفل، وأوله مفتاحه.


(١). وبراعة الطلب، هي أن يشر الطالب إلى ما فيه نفسه، دون أن يصرح بالطلب، نحو {وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} إشارة إلى طلب النجاة لابنه. وكقوله: [الطويل]

وفي النفس حاجات وفيك فطانة ... سكوتي بيان عندها وخطاب