جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع،

أحمد الهاشمي (المتوفى: 1362 هـ)

المبحث الثاني في النهي

صفحة 70 - الجزء 1

المبحث الثاني في النّهي

  النّهي: هو طلب الكفّ عن الشيء على وجه الاستعلاء⁣(⁣١) مع الإلزام، وله صيغة واحدة، وهي المضارع المقرون بلا الناهية: كقوله تعالى: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها}⁣[الأعراف: ٨٥] {وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً}⁣[الحجرات: ١٢].

  وقد تخرج هذه الصّيغة عن أصل معناها إلى معان أخر، تستفاد من سياق الكلام وقرائن الأحوال.

  ١ - كالدّعاء: نحو قوله تعالى: {رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا}⁣[البقرة: ٢٨٦].

  ٢ - والالتماس: كقولك لمن يساويك: أيها الأخ لا تتوان.

  ٣ - والإرشاد: كقوله تعالى: {لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}⁣[المائدة: ١٠١].

  ٤ - والدوام: كقوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}⁣[إبراهيم: ٤٢].

  ٥ - وبيان العاقبة: نحو قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ}⁣[آل عمران: ١٦٩].

  ٦ - والتيئيس: نحو قوله تعالى: {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ}⁣[التوبة: ٦٦].

  ٧ - والتّمنّي: نحو يا ليلة الأنس لا تنقضي. وكقوله: [الكامل]

  يا ليل طل يا نوم زل ... يا صبح قف لا تطلع


(١). اعلم: أن النهي طلب الكف عن الشيء، ممن هو أقل شأنا من المتكلم، وهو حقيقة في التحريم: كما عليه الجمهور، فمتى وردت صيغة النهي أفادت الحظر والتحريم على الفور.

واعلم: أن النهي كالأمر، فيكون استعلاء مع الأدنى، ودعاء مع الأعلى، والتماسا مع النظير.