المبحث الثاني في النهي
المبحث الثاني في النّهي
  النّهي: هو طلب الكفّ عن الشيء على وجه الاستعلاء(١) مع الإلزام، وله صيغة واحدة، وهي المضارع المقرون بلا الناهية: كقوله تعالى: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها}[الأعراف: ٨٥] {وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً}[الحجرات: ١٢].
  وقد تخرج هذه الصّيغة عن أصل معناها إلى معان أخر، تستفاد من سياق الكلام وقرائن الأحوال.
  ١ - كالدّعاء: نحو قوله تعالى: {رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا}[البقرة: ٢٨٦].
  ٢ - والالتماس: كقولك لمن يساويك: أيها الأخ لا تتوان.
  ٣ - والإرشاد: كقوله تعالى: {لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[المائدة: ١٠١].
  ٤ - والدوام: كقوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}[إبراهيم: ٤٢].
  ٥ - وبيان العاقبة: نحو قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ}[آل عمران: ١٦٩].
  ٦ - والتيئيس: نحو قوله تعالى: {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ}[التوبة: ٦٦].
  ٧ - والتّمنّي: نحو يا ليلة الأنس لا تنقضي. وكقوله: [الكامل]
  يا ليل طل يا نوم زل ... يا صبح قف لا تطلع
(١). اعلم: أن النهي طلب الكف عن الشيء، ممن هو أقل شأنا من المتكلم، وهو حقيقة في التحريم: كما عليه الجمهور، فمتى وردت صيغة النهي أفادت الحظر والتحريم على الفور.
واعلم: أن النهي كالأمر، فيكون استعلاء مع الأدنى، ودعاء مع الأعلى، والتماسا مع النظير.