المبحث الرابع في التمني
المبحث الرابع في التّمنّي
  التمني: هو طلب الشّيء المحبوب الذي لا يرجى، ولا يتوقّع حصوله.
  ١ - إمّا لكونه مستحيلا كقوله: [الوافر]
  ألا ليت الشّباب يعود يوما ... فأخبره بما فعل المشيب
  ٢ - وإما لكونه ممكنا غير مطموع في نيله، كقوله تعالى: {يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ}[القصص: ٧٩].
  وإذا كان الأمر المحبوب ممّا يرجى حصوله كان طلبه ترجّيا. ويعبّر فيه بعسى، ولعلّ كقوله تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً}[الطلاق: ١] و {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ}[المائدة: ٥٢].
  وقد تستعمل في الترجّي ليت لغرض بلاغيّ(١).
  وللتّمنّي أربع أدوات، واحدة أصلية وهي: ليت
  وثلاث غير أصليّة نائبة عنها، ويتمنّى بها لغرض بلاغي: وهي:
  ١ - هل(٢) كقوله تعالى: {فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا}(٣) [الأعراف: ٥٣].
  ٢ - ولو(٤)، كقوله تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[الشعراء: ١٠٢].
(١). الغرض هو إبراز المرجو في صورة المستحيل مبالغة في بعد نيله،
فيا ليت ما بيني وبين أحبتي ... من البعد ما بيني وبين المصائب
وقد تستعمل أيضا للتندم نحو {يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا}.
(٢). اعلم أن سبب العدول عن (ليت) إلى «هل» إبراز المتمنى لكمال العناية به في صورة الممكن الذي لا يجزم بانتفائه. وهو المستفهم عنه.
(٣). لما كان عدم الشفعاء معلوما لهم امتنع حقيقة الاستفهام. وتولد منه المتمني المناسب للمقام.
(٤). وسبب العدول إلى «لو» الدلالة على عزة متمناه وندرته، حيث أبرزه في صورة الذي لا يوجد، لأن «لو» تدل بأصل وضعها على امتناع الجواب لامتناع الشرط.