مدخل
  "نحو: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ" فِتْنَةٌ}[المائدة: ٧١] في قراءة الرفع(١).
  "ويجوز في تالية الظن أن تكون ناصبة"، إجراء للظن على أصله، من غير تأويل"، "و" النصب "هو الأرجح"(٢)، لأن التأويل في خلاف الأصل، "ولهذا" الترجيح "أجمعوا عليه" أي على النصب "في": {الم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} " [العنكبوت: ١ - ٢] بحذف النون. "واختلفوا في: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ " فِتْنَةٌ}[المائدة: ٧١]، "فقرأه غير أبي عمرو والأخوين"، حمزة والكسائي "بالنصب"، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي. بالرفع، لوجود الفصل بين "أن"والفعل بـ"لا" وإنما لم يقرءوا بالرفع في: "يتركوا"، لعدم الفصل(٣).
  فعلم أن التعديل في كون "أن" ناصبة، أو مخففة بعد أفعال الشك واليقين على اعتبار المعنى دون اللفظ، ألا ترى أنك ترفع في: رأيت أن لا يقوم زيد، إذا أردت اليقين، مثل: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ}[طه: ٨٩] وتنصب إذا أردت الظن مثل: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ}[المائدة: ٧١] خلافًا للمبرد(٤)، فإنه لا يجوز إجراء العلم مجرى خلافه، فتنصب "أن" الواقعة بعده الفعل ولا إجراء غيره مجراه. فيرتفع الفعل الواقع بعد "أن" الواقعة بعده، فالعلم عنده لا يجري مجرى غيره، ولا يجري غيره مجراه، والنوعان عند سيبويه جائزان(٥)، والفراء وابن الأنباري ينصبان بعد العلم الصريح(٦). وإلى النواصب الثلاثة أشار الناظم بقوله:
  ٦٧٧ - وبلن انصبه وكي كذا بأن ... لا بعد علم والتي من بعد ظن
  ٦٧٨ - فانصب بها والرفع صحح واعتقد ... تخفيفها من أن فهو مطرد
  ومن غير الغالب: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[يونس: ١٠] فأن هنا مخففة من الثقيلة ولم تقع بعد علم ولا ظن.
(١) هي قراءة أبي عمرو والكسائي وحمزة ويعقوب وخلف واليزيدي والأعمش. وانظر الإتحاف ٢٠٢، والنشر ٢/ ٢٥٥، وهي من شواهد أوضح المسالك ٤/ ١٦١، وشرح ابن الناظم ص ٤٧٦، والأمالي الشجرية ١/ ٢٥٢ ومغني اللبيب ١/ ٣٠، والكتاب ٣/ ١٦٦.
(٢) في شرح ابن الناظم ص ٤٧٦: "النصب هو الأكثر".
(٣) شرح ابن الناظم ص ٤٧٦.
(٤) المقتضب ٢/ ٣٢.
(٥) الكتاب ٣/ ١٦٦.
(٦) الارتشاف ٢/ ٣٨٨، والأمالي الشجرية ١/ ٢٥٢.