شرح التصريح على التوضيح،

خالد الأزهري (المتوفى: 905 هـ)

فصل 1

صفحة 382 - الجزء 2

  "وتقول مع الواو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن⁣(⁣١)؛ بالرفع" على الاستئناف؛ "إذا نهيته عن الأول فقط" وأبحت له الثاني، فكأنك قلت: لا تأكل السمك ولك شرب⁣(⁣٢) اللبن. "فلإن قدرت النهي عن الجمع" بينهما، "نصبت" على إرادة المعية، وكأنك قلت: لا تأكل السمك مع شرب⁣(⁣٣) اللبن، "أو" قدرت النهي "عن كل منهما" على حدته. "جزمت" على العطف، وكأنك قلت: لا تأكل السمك ولا تشرب اللبن.

  والفرق بين النصب والجزم في حالتي العطف أنه في النصب من عطف مصدر مؤول من "أن" والفعل، على مصدر متصيد من الفعل السابق لئلا يلزم عطف المصدر على الفعل. وفي الجزم من عطف الفعل على الفعل.

  "وإذا سقطت الفاء" من المضارع الواقع "بعد الطلب" المحض "وقصد" بالفعل الذي سقطت منه الفاء، "معنى الجزاء" للطلب السابق عليه، "جزم الفعل"، والمراد بقصد الجزاء أنك تقدره مسببًا عن ذلك الطلب المتقدم، كما أن جزاء الشرط مسبب⁣(⁣٤) عن فعل الشرط.

  واختلف في تحقيق جازمه، فالجمهور يجعلونه "جوابًا لشرط مقدر"، فيكون مجزومًا عندهم⁣(⁣٥) بأداة شرط مقدرة هي وفعل الشرط "لا" جوابًا "للطلب" المتقدم، فيكون مجزومًا بنفس الطلب، وهو قول الخليل وسيبويه⁣(⁣٦) والسيرافي⁣(⁣٧) والفارسي⁣(⁣٨).

  ثم اختلفوا في علته، فقال الخليل وسيبويه⁣(⁣٦): إنما جزم الطلب "لتضمنه معنى" حرف "الشرط"، كما أن أسماء الشرط إنما جزمت لذلك، وقال الفارسي والسيرافي: لنيابته مناقب الجازم الذي هو حرف الشرط المقدر، كما أن النصب بضربًا، في قولك: ضربًا زيدًا، لنيابته عن اضرب، لا لتضمنه معناه. " خلافًا لزاعمي ذلك".


(١) انظر الارتشاف ٢/ ٤٥١، والإنصاف ٢/ ٤١٥، وشرح شذور الذهب ص ٣١٢، وشرح ابن عقيل ٢/ ٣٥٥، وشرح قطر الندى ص ٧٩، وشرح المفصل ٧/ ٣٤، وشرح ابن الناظم ص ٤٨٦.

(٢) في "ب": "مع شربك".

(٣) في "ب": "شرب".

(٤) في "ب": "سبب".

(٥) سقطت من "ب".

(٦) الكتاب ٣/ ٦٢.

(٧) شرح كتاب سيبويه ١/ ٨٨.

(٨) المسائل المنثورة ص ١٥٨.