شرح التصريح على التوضيح،

خالد الأزهري (المتوفى: 905 هـ)

فصل 1

صفحة 384 - الجزء 2

  مع صحة المعنى، قاله الموضح في شرح القطر⁣(⁣١)، والمرادي في شرح النظم⁣(⁣٢). وظاهر قول الناظم:

  ٦٩٠ - وشرط جزم بعد النهي أن تضع ... إن قبل لا دون تخالف يقع

  أنك "تضع "إن" قبل "لا الناهية، بالهاء. وشرحه على ذلك الشاطبي. "فمن ثم"؛ بفتح التاء المثلثة؛ أي من أجل هذا الشرط "جاز: لا تدن من الأسد تسلم؛ بالجزم"، لصحة قولك: إن لا تدن من الأسد تسلم، لأن السلامة مسببة عن عدم الدنو. "ووجب الرفع في نحو: لا تدن من الأسد يأكلك"، لعدم صحة قولك: إن لا تدن من الأسد يأكلك. لأن الأكل لا يتسبب عن عدم الدنو، وإنما يتسبب عن الدنو نفسه⁣(⁣٣).

  ولهذا الشرط أجمعت السبعة على الرفع⁣(⁣٤) في قوله تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}⁣[المدثر: ٦]. "وأما" قوله : "من أكل من هذه الشجرة "فلا يقرب مسجدنا يؤذنا" بريح الثوم"⁣(⁣٥). "فالجزم" في "يؤذنا"؛ بحذف الياء؛ "على الإبدال" من "يقرب" بدل اشتمال، "لا" على الجواب" للنهي، لعدم صحة: إن لا يقرب يؤذنا، لأن الإيذاء إنما يتسبب عن القرب لا عن عدمه. ولم يشترط الكسائي، قيل: والكوفيون قاطبة، هذا الشرط، واحتجوا بالقياس على النصب، فإنه يجوز: لا تدن من الأسد فيأكلك، بالنصب، وفي التنزيل: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ}⁣[طه: ٦١]، وبقول أبي طلحة⁣(⁣٦) للنبي - : "لا تشرف يصبك سهم"⁣(⁣٧)، ويروى: لا تتطاول يصبك، وبالحديث: "لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض"⁣(⁣٨).


(١) شرح قطر الندى ص ٨٢.

(٢) شرح المرادي ٤/ ٢١٣.

(٣) في شرح ابن الناظم ص ٤٨٧: "وأجاز الكسائي جزم جواب النهي مطلقًا".

(٤) وقرأها الحسن وابن أبي عبلة "تستكثر"؛ بالجزم، وقرأها الأعمش ويحيى "تستكثر"؛ بالنصب. انظر المحتسب ٢/ ٣٣٧، والبحر المحيط ٨/ ٣٧٢، وانظر ما تقدم في الجزء الأول من شرح التصريح ٨٩.

(٥) أخرجه البخاري في صفة الصلاة، باب ما جاء في النوم رقم ٨١٥، ٨١٦، وهو من شواهد أوضح المسالك ٤/ ١٨٩، وشرح ابن الناظم ص ٤٨٧.

(٦) في "ب": "وقول طلحة".

(٧) الحديث في النهاية ٢/ ٤٦١، ٥٦٢، أي لا تشرف من أعلى الموضع، وفيه: "كان أبو طلحة حسن الرمي، فكان إذا رمى استشرفه النبي - - لينظر إلى مواقع نبله أي يحقق نظره ويطلع عليه. وأصل الاستشراف أن تضع يدك على حاجبك وتنظر، كالذي يستظل من الشمس حتى يستبين الشيء".

وانظر شرح ابن الناظم ص ٤٨٧.

(٨) أخرجه البخاري في كتاب العلم برقم ١٢١، وأعاده برقم ٤١٤٣، ٦٤٧٥، ٦٦٦٩.