شرح التصريح على التوضيح،

خالد الأزهري (المتوفى: 905 هـ)

فصل 5

صفحة 412 - الجزء 2

  وإما لكونه مضارعًا مرفوعًا لزومًا، نحو: أقوم إن قمت، والجواب في ذلك كله محذوف وجوبًا لدلالة المتقدم عليه، وليس المتقدم بجواب عند جمهور البصريين⁣(⁣١)؛ لأن أداة الشرط لها صدر الكلام فلا يتقدم عليها الجواب، ولالتزام العرب حينئذ كون الفعل الثاني للأداة ماضيًا، كما يلتزم ذلك حيث يحذف الجواب، ولأن المتقدم لا يصلح كونه جوابًا.

  أما الجملة الاسمية فلعدم اقترانها بالفاء، وأما الفعلية المجزوم فعلها بـ"لم" المقترنه بالفاء، فلأن الجواب المنفي بـ"لم" تدخل عليه الفاء. وأما رفع المضارع فإنه ينافي جعله جوابًا.

  وذهب الكوفيون⁣(⁣١)، والمبرد⁣(⁣٢)، وأبو زيد⁣(⁣٣)، إلى أنه لا حذف، والمتقدم هو الجواب.

  وأجابوا عن الأول بأن الفاء إنما لم تدخل لأنها لا تناسب الصدر، ولأنها خلف عن العمل ولا عمل مع التقديم.

  وعن الثاني: بأن الفاء قد تدخل على المنفي بـ"لم"⁣(⁣٤). أجاز الزمخشري في: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ} الآية [الأنفال: ١٧]، أن يكون التقدير: "إن افتخرتم بقتلهم، فلم تقتلوهم"⁣(⁣٥).

  وعن الثالث بأن رفع المضارع لضعف الحرف أن يعمل مؤخرًا، وجميع ذلك ضعيف.

  والذي يدل على أن المتقدم ليس جوابًا أن المتكلم أخبر جازمًا، ثم بدا له التعليق، فهو كالتخصيص بعد التعميم، بخلاف من بنى كلامه من أول الأمر على الشرط. فإن الجواب المعنوي يتأخر في كلامه، فيكون جوابًا في الصناعة والمعنى. وإلى حذف الجواب وبقاء الشرط⁣(⁣٦) وعكسه. أشار الناظم بقوله:


(١) انظر الإنصاف ٢/ ٦٢٣، المسألة رقم ٨٧.

(٢) المقتضب ٢/ ٦٦.

(٣) نوادر أبي زيد ص ٢٨٣.

(٤) الإنصاف ٢/ ٦٢٧.

(٥) الكشاف ٢/ ١١٩.

(٦) في "ط": "إبقاء".