باب الحكاية
  وحكى الكوفيون أن منهم من يقول: منو أنت، ومنان أنتما، ومنون أنتم؟ فيكون البيت على هذا.
  "ولا يقاس عليه خلافًا ليونس"، وحجته أنه سمع بعض العرب يقول: ضرب من منا؟ ومنو منا؟ لمن قال: ضرب رجل رجلا. حكاه عنه سيبويه(١)، ووجهه أنه أزال الاستفهام عن صدريته وأعرب أحدهما فاعلا، والآخر مفعولا في الأولين، وحكاهما في الوصل في الباقين، واستبعده سيبويه.
  وفي هذا البيت شذوذان آخران:
  أحدهما: أنه حكى الضمير في: أتوا وهو معرفة، وليس وجه شذوذه أنه حكى مقدرًا. خلافًا للشارح(٢).
  والثاني: أنه حرك النون وحكمها السكون(٣).
  وعموا؛ بكسر العين المهملة؛ أي: أنعموا. وظلامًا: جوز فيه ابن السيد(٤) كونه ظرفًا، أي انعموا في ظلامكم، وكونه تمييزًا أي: من جهة ظلامكم. انتهى.
  والأول أولى، ويؤيده أنه ينشد:
  ............................ ... .......... عموا صباحًا(٥)
  وهو إنشاد صحيح(٦) وقع في قصيدة حائية منسوبة إلى جذع بن سنان الغساني.
  ونص ابن الحاجب في الأمالي(٧): على أنه لا يحسن أن يكون ظرفًا إذ ليس المراد أنهم نعموا في ظلام أو في صباح، وإنما المراد أنهم نعم ظلامهم أو صباحهم، انتهى(٨).
(١) الكتاب ٢/ ٤١١.
(٢) في شرح ابن الناظم ص ٥٣٢: "أنه حكى مقدرًا، غير مذكور".
(٣) في شرح ابن الناظم ص ٥٣٢: "أنه أثبت العلامة في الوصل، وحقها ألا تثبت إلا في الوقف".
(٤) كتاب الحلل ص ٣٦٠ - ٣٦١.
(٥) انظر هذه الرواية في شرح المفصل ص ١٧٤ "الحاشية"، ولسان العرب ١٤/ ٣٨١ "سرا".
(٦) في كتاب الحلل ص ٣٦٠ أن الزجاجي قال في كتابه الجمل ص ٣٣٦ - ٣٣٧: "وقد رأيت بعض من لا يعرف هذا الشعر يرويه: عموا صباحًا, وهو غلط". وعلق ابن السيد في الحلل ص ٣٦٠ فقال: "ليس بغلط كما ذكر، ولكنهما شعران، أحدهما على قافية الميم وهو الذي أنشده عن ابن دريد، والثاني على قافية الحاء، وهو أطول من هذا".
(٧) أمالي ابن الحاجب ١/ ٤٦٢.
(٨) إلى هنا ما نقله صاحب الدرر ٢/ ٥٢٥.