شرح التصريح على التوضيح،

خالد الأزهري (المتوفى: 905 هـ)

فصل 7 "في ما ولا ولات وإن المعملات عمل ليس تشبيها بها" في النفي

صفحة 265 - الجزء 1

  بنصب "مثلهم" مع تقدمه، "فقال" سيبويه⁣(⁣١): شاذ" ولا يكاد يعرف. "وقيل: غلط، وإن الفرزدق" تميمي "لم يعرف شرطها عند الحجازيين"، فقصد أن يتكلم بلغة الحجازيين، فغلط فيها، وفيه نظر, فإن العربي لا يطاوعه لسانه أن ينطق بغير لغته كما قاله سيبويه، "وقيل" بشر: خبر، "ومثلهم: مبتدأ⁣(⁣٢)، ولكن بني" على الفتح "لإبهامه مع إضافته للمبني"، هو الضمير، والمبهم المضاف المبني يجوز بناؤه وإعرابه، "ونظيره" في البناء على الفتح: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ}⁣(⁣٣) [الذاريات: ٢٣]، {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ}⁣(⁣٤) [الأنعام: ٩٤]، في قراءة من فتحهما" مع أنهما يستحقان الرفع على التبعية لـ"حق" في الأول. والفاعلية في الثاني، وأتى بنظيرين لئلا يتوهم أن ذلك خاص بلفظة "مثل"، "وقيل": مثلهم" حال"؛ لأن إضافة "مثل" لا تفيد التعريف، وهو في الأصل نعت لـ"بشر" ونعت النكرة إذا تقدم عليها انتصب على الحال، و"بشر" مبتدأ "والخبر محذوف" مقدم على المبتدأ لئلا يلزم تقديم الحال على عاملها الظرف، وهو ممتنع أو نادر، "أي: ما في الوجود بشر مثلهم"، أي: مماثلًا لهم. قاله المبرد⁣(⁣٥)، ورد بأن حذف عامل الحال إذا كان معنويا ممتنع، قاله في المغني⁣(⁣٦). وقيل: "مثلهم" ظرف زمان تقديره: وإذ هم في زمان ما في مثل حالهم بشر قاله أبو البقاء. وقيل: ظرف مكان، والتقدير: وإذ ما مكانهم بشر، أي: في مثل حالهم. واسم الفرزدق: همام بن غالب، وقال ابن قتيبة، هميم بن غالب. ويكنى أبا فراس⁣(⁣٧). واختلف كلام ابن قتيبة في سبب تلقيبه بالفرزدق، فقال في أدب الكاتب⁣(⁣٨): الفرزدق قطع العجين، واحدتها فرزدقة؟


(١) الكتاب ١/ ٦٠.

(٢) في "ب": "مبتدأ مؤخر".

(٣) الرسم المصحفي: {مثلَ}، بالنصب وقرأها بالرفع: حمزة والكسائي وعاصم الأعمش، انظر الاتحاف ص ٣٩٩.

(٤) الرسم المصحفي: {بينَكم}، بالنصب وقرأها بالرفع: ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة وعاصم. انظر الإتحاف ص ٢١٣.

(٥) المقتضب ٤/ ١٩١، ١٩٢.

(٦) مغني اللبيب ص ٤٧٥.

(٧) كذا نقل عنه ابن السيد في الاقتضاب ٦٣٣، وفي الشعر والشعراء ١/ ٤٧١: "هو همام بن غالب". قلت: أما "هميم" فهو اسم أخيه، كما في الأغاني ٢١/ ٢٧٦.

(٨) أدب الكاتب ص ٧٨.