فصل 1
  اعتبار المحل: "علمت لزيد قائم، وغير ذلك من أموره بالنصب" لـ"غير" "عطفًا على المحل"، أي: محل جملة: زيد قائم، فإنها في محل نصب على المفعولية لـ"علمت"، ولولا ذلك لامتنع العطف على محلها بالنصب وفي هذ المثال فائدتان:
  إحداهما: أنه من محل الخلاف، قال أبو حيان: "في الجملة المقرونة بمعلق غير الاستفهام ثلاثة مذاهب: أحدها لسيبويه والبصريين وابن كيسان: أنها في موضع نصب.
  الثاني للكوفيين: لا موضع لها وأنه أضمر بين العامل والمعلق قسم، والجملة جواب له.
  والثالث للمغاربة: لا موضع لها أيضًا، إلا أن الأفعال أنفسها ضمنت معنى فعل القسم، فصارت قاصرة لا تتعدى، وصارت الجملة جوابًا له، وصححه ابن عصفور في شرح الجمل". ا. هـ.
  الفائدة الثانية: أنه إنما يعطف محل على الجملة المعلق عنها العامل مفرد فيه معنى الجملة، فتقول: علمت لزيد قائم، وغير ذلك: من أموره: ولا تقول: علمت لزيد قائم وعمرو؛ لأن مطلوب هذه الأفعال إنما هو مضمون الجمل فإن كان في الكلام مفرد يؤدي معنى الجملة صح أن تتعلق به، وإلا فلا، "قال" كثير عزة: [من الطويل]
  ٣٠١ - "وما كنت أدري قبل عزة ما البكا ... ولا موجعات القلب حتى تولت"
  فعطف "موجعات" بالنصب بالكسرة على محل قوله: "ما البكا" الذي علق عن العمل فيه قوله: "أدري" هذا مراده هنا، وصرح بذلك في شرح القطر(١)، وقال في المغني(٢): هكذا استدل به ابن عصفور، ولك أن تدعي أن "البكا" مفعول، وأن "ما" زائدة، وأن الأصل: ولا أدري موجعات القلب، فيكون من عطف الجمل، أو أن الواو للحال، و"موجعات" اسم "لا"، أي: وما كنت أدري قبل عزة والحال أنه لا موجعات للقلب موجودة ما البكا، ا. هـ.
  وعلى الأول فالمعنى: وما كنت أدري أي شيء البكا، وصح عطف "موجعات" على محل الجملة؛ لأنه يؤدي معنى الجملة؛ لأن معنى: ولا موجعات القلب ولا موجعات قلبي، هو في معنى: قلبي له موجعات.
٣٠١ - البيت لكثير عزة في ديوانه ص ٩٥، وخزانة الأدب ٩/ ١٤٤، وشرح شذور الذهب ص ٣٦٨، وشرح شواهد المغني ص ٨١٣، ٨٢٤، وشرح قطر الندى ص ١٧٨، ومغني اللبيب ١/ ٤١٩، والمقاصد النحوية ٢/ ٤٠٨، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢/ ٦٤، وشرح الأشموني ص ١٦٢.
(١) شرح قطر الندى ص ١٩٧.
(٢) مغني اللبيب ١/ ٤١٩.