مدخل
  "مسألة": لا يتعجب إلا من معرفة أو نكرة مختصة(١) نحو: ما أحسن زيدًا، وما أسعد رجلا اتقى الله، لأن المتعجب منه مخبر عنه في المعنى، فلا يقال: ما أسعد رجلا من الناس، لأنه لا فائدة في ذلك.
  "ويجوز حذف المتعجب منه" إذا كان ضميرًا، كما "في مثل: ما أحسنه"، و"إن دل عليه دليل"، وإلى ذلك أشار الناظم بقوله:
  ٤٧٦ - وحذف ما منه تعجبت استبح ... إن كان عند الحذف معناه يضح
  "كقوله"؛ وهو علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: [من الطويل]
  ٦٠٨ - جزى الله عني والجزاء بفضله ... ربيعة خيرًا ما أعف وأكرما
  أي: ما أعفها وأكرمها.
  "وفي" مثل "أفعل به؛ إن كان؛ أفعل"؛ بكسر العين؛ "معطوفًا على آخر مذكور معه مثل ذلك المحذوف نحو: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ}[مريم: ٣٨] أي: بهم وقوله: [من الرجز]
  ٦٠٩ - أعزز بنا واكتف إن دعينا ... يوما إلى نصرة من يلينا
  أي: واكتف بنا. وإنما حذف للدليل مع كونه فاعلا، لأن لزومه للجر كساه صورة الفضلية، خلافًا للفارسي وجماعة ذهبوا إلى أنه لم يحذف، ولكنه استتر في الفعل حين حذفت الباء، كما في قولك: زيد كفى به كاتبًا. زيد كفى كاتبًا.
  ورده ابن مالك بوجهين(٢):
  أحدهما: لزوم إبرازه حينئذ في التثنية والجمع، والثاني: أن من الضمائر ما لا يقبل الاستتار، كـ: "نا" من: أكرم بنا، فإن لم يدل عليه دليل لم يجز حذفه.
  أما في "ما أفعله" فلعروه إذا ذاك عن الفائدة، فإنك لو قلت: ما أحسن أو ما أجمل، لم يكن كلامًا، لأن معناه أن(٣) شيئًا صير الحسن واقعًا على مجهول، وهذا مما لا
(١) سقطت من "ب".
٦٠٨ - البيت للإمام علي بن أبي طالب في ديوانه ص ٤٩١، والدرر ٢/ ٢٩٦، وشرح ابن الناظم ص ٣٢٨، والعقد الفريد ٥/ ٢٨٣، والمقاصد النحوية ٣/ ٦٤٩، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣/ ٢٥٩، وشرح الأشموني ٢/ ٣٦٤، وهمع الهوامع ٢/ ٩١.
٦٠٩ - الرجز بلا نسبة في الدرر ٢/ ٣٢٨، وشرح التسهيل ٣/ ٣٧.
(٢) شرح التسهيل ٣/ ٣٧.
(٣) في "ب": "ما".