مدخل
  "و" كلا وكلتا وكل وجميع وعامة "يؤكد بهن لرفع احتمال تقدير بعض مضاف إلى متبوعهن، فمن ثم"؛ أي: من أجل الاحتمال المذكور "جاز" أن يقال: "جاءني الزيدان كلاهما، والمرأتان كلتاهما، لجواز أن يكون الأصل: جاء أحد الزيدين أو إحدى المرأتين"، وأنه أطلق المثنى وأريد به واحد، "كما قال" الله "تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}[الرحمن: ٢٢] بتقدير: يخرج من أحدهما" وهو البحر الملح، واللؤلؤ: كبار الدر، والمرجان: صغاره.
  "وامتنع على الأصح" أن يقال: "اختصم الزيدان كلاهما والهندان كلتاهما، لامتناع التقدير المذكور(١) "، لأن الاختصام لا يكون إلا بين اثنين، ويدل على امتناع(٢) ذلك إطباقهم على منه: جاء زيد كله، لعدم الفائدة. هذا قول الأخفش وهشام والفراء وأبي علي(٣). وذهب الجمهور إلى إجازته(٤)، وتبعهم ابن مالك في التسهيل(٥).
  واحتج المجيز بأن العرب قد تأتي بالتوكيد حيث لا احتمال نحو: جاء القوم كلهم أجمعون أكتعون. "وجاز" أن يقال: "جاء القوم كلهم، واشتريت العبد كله" لرفع الاحتمال المذكور، "وامتنع" أن يقال: "جاء زيد كله"، لعدم الفائدة، إذ يستحيل نسبة المجيء إلى جزئه المتصل به دون البعض الآخر.
  "والتوكيد بـ"جميع" غريب(٦)، ومنه قول امرأة" من العرب وهي ترقص ولدها: [من الهزج]
  ٦٤٤ - فداك حي خولان ... جميعهم وهمدان
  وكل آل قحطان ... والأكرمون عدنان
(١) في "ب": "حينئذ" مكان "المذكور".
(٢) سقطت من "ب".
(٣) الارتشاف ٢/ ٦٠٩.
(٤) ومنهم المبرد، انظر الارتشاف ٢/ ٦٠٨.
(٥) التسهيل ص ١٦٤.
(٦) في شرح ابن الناظم ص ٣٥٩: "وأغفل أكثر النحويين التنبيه على التوكيد بهذين الاسمين "جميع وعامة"، ونبه عليهما سيبويه". وانظر الكتاب ١/ ٣٧٦ - ٣٧٧، ٢/ ١١٦، وشرح الكافية الشافية ٣/ ١١٧١، وشرح التسهيل ٣/ ٢٩٩.
٦٤٤ - الرجز لامرأة من العرب ترقص ابنها في المقاصد النحوية ٤/ ٩١، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣/ ٣٣٠، والدرر ٢/ ٣٨٢، وشرح ابن الناظم ص ٣٥٩، وهمع الهوامع ٢/ ١٢٣.