غزوة بني قريظة
غزوة بني قريظة
  كانت غزوة بني قريظة عقب غزوة الأحزاب مباشرة من غير تراخٍ، وذلك أنه كان بين بني قريظة والنبي ÷ عهد، فلما قدمت الأحزاب ونزلوا على المدينة نقضوا العهد الذي بينهم وبين النبي ÷؛ فلما علم النبي ÷ بذلك ساءه وشقَّ عليه وعلى المسلمين، فلما أيَّد الله رسوله ÷ ونصره وهزم المشركين وردهم بغيظهم لم ينالوا خيراً، ورجع النبي ÷ إلى المدينة مؤيَّداً منصوراً، وأراد أن يضع السلاح - جاءه جبريل # فقال له: «إنَّ الله يأمرك أن تنهض إلى بني قريظة»، فنهض النبي ÷ من ساعته، وأمر الناس بالمسير إلى بني قريظة، وكانت على أميالٍ من المدينة وذلك بعد صلاة الظهر، وقال ÷: «لا يصلينَّ أحد منكم العصر إلا في بني قريظة»، فسار الناس فبعضهم صلّاها في الطريق وبعضهم لم يصلِّها إلا في بني قريظة بعد المغرب، فلم يُعَنِّف النبي ÷ واحداً من الفريقين.
  وتبعهم رسول الله ÷ وأعطى الراية عليَّ بن أبي طالب، ثم نازلهم وحاصرهم خمساً وعشرين ليلة، فلمَّا طال عليهم الحصار نزلوا على حكم سعد بن معاذ؛ لأنهم كانوا حلفاءه في الجاهلية، فاستدعاه النبي ÷، فجاء فلما دنا من خيمة الرسول ÷، قال ÷: «قوموا إلى سيِّدكم»(١)، فقام إليه المسلمون فأنزلوه إعظاماً وإكراماً واحتراماً، وبعد محاورة أصدر سعد حكمه فقال: «إني أحكم: أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذريتهم ونساؤهم وأموالهم»، فخدت أخاديد وجيء بهم مكتوفين فضربت أعناقهم.
  وقد ذكر الله تعالى هذه الغزوة المباركة بعد ذكره لغزوة الأحزاب، فقال سبحانه: {وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَٰهَرُوهُم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن صَيَاصِيهِمۡ وَقَذَفَ فِي
(١) سيأتي تخريجه.