[حكم سعد بن معاذ وسماحة الإسلام]
  قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَ فَرِيقٗا تَقۡتُلُونَ وَتَأۡسِرُونَ فَرِيقٗا ٢٦ وَأَوۡرَثَكُمۡ أَرۡضَهُمۡ وَدِيَٰرَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُمۡ وَأَرۡضٗا لَّمۡ تَطَـُٔوهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا ٢٧}[الاحزاب].
  فأخبر الله تعالى وذكَّر المؤمنين بعظيم نعمته عليهم حيثُ ردَّ عنهم المشركين وهزمهم، ثُم أَتْبع ذلك بنعمةٍ أخرى عظيمة وهي أنه تعالى أذلَّ يهود بني قريظة الذين نقضوا العهد وتعاونوا مع أحزاب المشركين، وأنزلهم من عزِّهم، وأخرجهم من حصونهم، وألقى في قلوبهم الرعب والخوف حتى تمكنتُم مِنْ قتل رجالهم وسبي نسائهم وأولادهم، وغَنِمْتُم بيوتهم وحصونهم وأموالهم وأرضهم، وكتب مع ذلك لكم السيطرة على أرضٍ أخرى.
  ولم تحدد في الآية الأرض الأخرى، وإنما ذكرها الله تعالى مُبهمة فلعلَّها مَا سيطر عليه المسلمون بعد ذلك مِنْ أراضي اليهود كخيبر وغيرها، وقيل: إنها أرض فارس والروم، والله أعلم.
[حكم سعد بن معاذ وسماحة الإسلام]
  قد يقال: إن في حكم سعد بن معاذ في يهود بني قريظة قساوة لا ينبغي أن يقرَّها الإسلام؛ فما هو العذر الذي دعا النبي ÷ إلى إقرار ذلك الحكم مع ما عرف من سماحة الإسلام ونبي الإسلام؟
  والجواب والله الموفق:
  ١ - أن اليهود الذين كانوا في المدينة وحولها كانوا قد استيقنوا نبوة النبي ÷ وعلموا صحّة رسالته، وتماماً كما قال تعالى عنهم: {يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ}، {فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِۦۚ فَلَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ ٨٩} وأخبر تعالى عنهم بأنهم يكتمون الحق وهم يعلمون.
  ٢ - أخبر الله في القرآن أنه أخذ عليهم العهود في الإيمان بمحمد ÷ المصدِّق لما معهم من الكتاب والحكمة؛ فلما جاءهم النبي ÷ أخلفوا ما عاهدوا الله عليه.