لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم سعد بن معاذ وسماحة الإسلام]

صفحة 106 - الجزء 1

  ٣ - أنهم لم يكتفوا بالكفر بالنبي ÷ وبدينه ورسالته، بل تجاوزوا ذلك إلى السعي في إطفاء نور الرسالة، وسعوا في ذلك غاية السعي، وجدُّوا غاية الجد، ولم يَدَعوا سبيلاً إلى ذلك الغرض إلا سلكوه، ولا حيلة إلا أبرموها ولا مكراً إلا مكروه، وقد وصفهم الله تعالى بأنهم بلغوا الغاية والنهاية في عداوتهم للنبي ÷ ولدينه وللمسلمين فقال تعالى: {۞لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلۡيَهُودَ} ... الآية [المائدة: ٨٢].

  ٤ - أنهم كانوا جرثومة فساد في عاصمة الإسلام (المدينة) فكان لا بد من التخلّص من تلك الجرثومة المفسدة للإسلام والمسلمين، وقد أخبر الله تعالى عن بعض نواياهم فقال سبحانه: {قَالُواْ لَيۡسَ عَلَيۡنَا فِي ٱلۡأُمِّيِّـۧنَ سَبِيلٞ}⁣[آل عمران: ٧٥]، {ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجۡهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوٓاْ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ ٧٢}⁣[آل عمران]، وكانوا يثيرون العداوات الجاهلية بين الأوس والخزرج، وعلى الجملة ففسادهم كان بصفة مستمرة يزداد ويستشري ولا يقف عند حد.

  أن النبي ÷ لم يكن يتوقع إسلامهم لما أخبر الله تعالى عنهم من التمرّد في كتابه الكريم، وأنهم لن يزالوا واقفين في وجه رسالة الله يضربونها بسيوفهم ويطعنونها برماحهم، ويصدّون عنها بأموالهم وحِيَلِهم ومكرهم، فحين علم النبي ÷ ذلك، وعرف أنه لا سبيل إلى التخلّص من فسادهم وشرّهم إلا بالقتل - أقرّ حكم سعد ورضي به (وآخر الدواء الكيّ) وقد قال سبحانه: {إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ} .... الآية [المائدة: ٣٣].