لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

استنكار عمر لهذا الصلح

صفحة 112 - الجزء 1

  غير أنَّ الله سبحانه قد عَلِمَ أنَّ المصلحة العظيمة تقتضي تأخير الدخول إلى مكة إلى العام المقبل، وأنَّ الحكمةَ تقتضي أن يفتح الله للمسلمين خيبر قبل دخول مكة.

استنكار عمر لهذا الصلح

  وقد استنكر عمر بن الخطاب هذا الصلح؛ فجاء إلى النبي ÷ مُنفعلاً، فقال للنبي ÷: ألستَ نبيَّ الله حقاً؟ قال ÷: «بلى»، فقال عُمر: ألسنا على الحقّ وعدونا على الباطل؟ فقال ÷: «بلى»، فقال عُمر: فَلِمَ نعطي الدّنِيَّة في ديننا إذاً؟ فقال ÷: «إني رسول الله، ولست أعصيه وهو ناصري»، فقال عمر: أولستَ كنت تحدثنا أنَّا سنأتي البيت ونطوف به؟ فقال ÷: «بلى، أفأخبرتُكَ أنا نأتيه العام؟» قال عمر: لا، فقال ÷: «فإنك آتيه ومطوِّف به».

  فذهب عمر إلى أبي بكر وكرَّر عليه نفس الأسئلة التي سألها النبي ÷ فأجابهُ أبو بكر بمثل جواب النبي ÷، ثم حذَّره من تلك الانتقادات على النبي ÷ الموهمة للشكِّ في نبوة النبي ÷، والموهمة لكذبه ÷. وأمره أبو بكر باتّباع النبي ÷ ومُلازمته وترك الشكوك فيه ÷؛ لأنه رسول الله ونبيه ÷، فكان عمر يحدث عن نفسه ويقول: فعملت أعمالاً كثيرة ليُكفِّر الله عني ذنوب تلك الكلمة⁣(⁣١).


(١) أورد هذه القصة كثير من المحدثين وأهل السير، فمن ذلك ما في صحيح البخاري (٣/ ١٩٣ رقم: ٢٧٣١) في سياق ذكر الحديبية حتى قال: فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ ÷ فَقُلْتُ: أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا، قَالَ: «بَلَى»، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ، وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ، قَالَ: «بَلَى»، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: «إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَسْتُ أَعْصِيهِ، وَهُوَ نَاصِرِي»، قُلْتُ: أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي البَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: «بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ =