[الرجوع إلى المدينة ونزول سورة الفتح]
  فلما تمَّ الصُّلح أمَرَ النبيُّ ÷ أصحابَه بأن ينحروا البُدْنَ، ثم يحلقوا رؤوسهم فلم يفعلوا، وكرَّرَ عليهم فلم يفعلوا، فدخلَ النبيُّ ÷ خيمته ثم خرج إليهم ولم يكلّمهم فنحر ثم حلق، فقام الصحابة ونحروا ثم حلقوا(١)، وقد كانوا سبعَمائة رجل ومعهم سبعون بدنة، فكانت البدنة عن عشرة، وفي رواية أن أهل الحديبية كانوا ألفاً وأربعمائة، وفي روايةٍ ألفاً وخمسمائة.
[الرجوع إلى المدينة ونزول سورة الفتح]
  ثم قفل الرسول ÷ بعد ذلك راجعاً إلى المدينة هو والمسلمون ونزلت عليه في رجوعه سورة الفتح: {﷽ إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا ١}[الفتح: ١] سمَّى الله تعالى صُلح الحديبية فتحاً مبيناً، وذلك لما ترتَّب
= العَامَ»، قَالَ: قُلْتُ: لاَ، قَالَ: «فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ»، قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ ÷، وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الحَقِّ، قُلْتُ: أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي البَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: بَلَى، أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ العَامَ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ، - قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ -: فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالاً. ورواه مسلم في صحيحه ورواه ابن حبان في صحيحه بلفظ: فقال عمر بن الخطاب: والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ، فأتيت النبي ÷ ... إلى قوله: فعملت في ذلك أعمالاً يعني: في نقض الصحيفة.
(١) وهذا أيضاً ورد في كثير من كتب أهل الحديث وأهل السير، وقد أورده البخاري في نفس الحديث الذي نقلناه في الحاشية السابقة بعد الذي نقلناه منه فيها تماماً بدون فصل وهذا لفظه: قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الكِتَابِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ÷ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا»، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ، اخْرُجْ ثُمَّ لاَ تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا.