لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[الرجوع إلى المدينة ونزول سورة الفتح]

صفحة 115 - الجزء 1

  {۞لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمۡ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَثَٰبَهُمۡ فَتۡحٗا قَرِيبٗا ١٨ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةٗ يَأۡخُذُونَهَاۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا ١٩}⁣[الفتح]، علم الله تعالى ما في قلوبهم من صدق النية في طاعة الرسول ÷ والصبر معه والجدَّ في القتال، فنزع تعالى ذلك الخوف من قلوبهم وملأها أمناً وطمأنينةً ورضا، وبشَّرهم على صدق نيَّاتهم بفتح خيبر واستيلائهم على مغانمها الكثيرة من الدور والنخيل والبساتين والأموال المتنوعة التي فيها غناؤهم.

  ثم وعدهم الله تعالى وعد بشارة فقال: {وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةٗ تَأۡخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمۡ هَٰذِهِۦ}⁣[الفتح: ٢٠] أي: مغانمَ خيبر، {وَكَفَّ أَيۡدِيَ ٱلنَّاسِ عَنكُمۡ}⁣[الفتح: ٢٠]، قيل: أي أهل مكة بالصلح، وقيل: أيدي حلفاء أهل خيبر، وهم أسد وغطفان فإنهم جاءوا لينصروا أهل خيبر فألقى الله في قلوبهم الرُّعب فانهزموا.

  {وَلِتَكُونَ ءَايَةٗ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ}⁣[الفتح: ٢٠] المعنى والله أعلم: أنَّ الفتح لخيبر والتغنّم لأموالها الكثيرة كانت على حسب ما أخبر الرسول ÷ فكان ذلك آيةً للعالمين ودلالةً على صدق الرسول ÷ حيثُ أخبر بذلك قبل حصوله، {وَيَهۡدِيَكُمۡ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا ٢٠}⁣[الفتح]، لما في ذلك من زيادة اليقين بصدق النبي ÷ وزيادة الثقة والبصيرة والهداية.

  {وَأُخۡرَىٰ لَمۡ تَقۡدِرُواْ عَلَيۡهَا قَدۡ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَاۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٗا ٢١}⁣[الفتح: ٢١] المعنى: ووعدكم الله تعالى أيضاً مغانم أخرى غير ما تقدّم لم تقدروا عليها حتى الآن، وستقدرون عليها في المستقبل، قيل: هي مغانم يوم حنين، وقيل مغانم فارس والروم.