[النبي ÷ في دولته]
  أدب عظيم تلقاه من ربه كما في قوله تعالى: {فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ}[آل عمران: ١٥٩].
  وكان ÷ يتنازل عن حقوقه الخاصة فلا يؤاخذ أصحابه عليها ويستحيي من المطالبة بها حتى يكون الله تعالى هو الذي يطالب بها لنبيه ÷ {... إِنَّ ذَٰلِكُمۡ كَانَ يُؤۡذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسۡتَحۡيِۦ مِنكُمۡۖ وَٱللَّهُ لَا يَسۡتَحۡيِۦ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ}[الأحزاب: ٥٤]، {لَا تَرۡفَعُوٓاْ أَصۡوَٰتَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِيِّ وَلَا تَجۡهَرُواْ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ ...}[الحجرات: ٢].
  وكان ÷ يغضي عما يصدر من المنافقين كما يغضي عن المؤمنين، ولم تختلف معاملته لهم عن معاملته للمؤمنين، وشاهد ذلك ما اشتهر عنه ÷ يوم مات عبد الله بن أُبَيّ رأس المنافقين ورئيسهم فإن النبي ÷ شيع جنازته وأعطاهم قميصه ليكفّنوه فيه، وصلى عليه صلاة الجنازة، ووقف على قبره حتى قبر، وكان ذلك قبل أن ينهاه الله تعالى عن الصلاة على المنافقين.
  وكان ÷ يعرف المنافقين {وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ}[محمد: ٣٠]، ثم يستر عليهم ولا يفضحهم، ومات ÷ وأمْرُ المنافقين مستور وغير مكشوف إلا أن النبي ÷ أسرّ إلى بعض أصحابه بأسرارهم واستكتمه ذلك.
  بل إنه ÷ كان يأمر بالتستر ويحث عليه ويقول كما روي: «من أبدى صفحته للحق هلك» ويقول: «نحن نحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر»، بل كان ÷ يلقّن السارق ونحوه ما يسقط عنه الحد.
  ومع هذه الشيم العالية والأخلاق الكريمة كان ÷ لا يتساهل ولا يغضي عن تنفيذ ما أمره الله تعالى به من إقامة الحدود والقصاص والحكم بالعدل وإقامة