[دور قريش بعد مقتل عثمان والبيعة لعلي #]
  البيت والأنصار ما لقوا من عداوة قريش وأذاها، وكان من أول قرارات الخلافة القرشية بعد النبي ÷ ابتزاز أموال فاطمة بنت الرسول ÷ التي أنحلها إيّاها أبوها ÷ في حياته، وما زالت الخلافة في عهودها الثلاثة تستهدف أهل البيت ولا سيما علي بن أبي طالب، فلما استولى علي على الخلافة بعد عثمان سلَّت قريش في وجه خلافته سيوفها، وقاتلته يوم الجمل بقيادة عائشة وطلحة والزبير، وهُزِمت قريش وأنصارها من أهل البصرة في هذه المعركة، ثم قاتلته في صفين بقيادة معاوية بن أبي سفيان، وانتهت معارك صفين بالتحكيم.
  وقصة التحكيم: أن جيوش معاوية ضعفت عن الوقوف في وجه جيوش علي #، وكادت أن تنهزم وأيقنَ معاوية بالهزيمة، وبدأ يخطط للانسحاب والهزيمة، وكان عمرو بن العاص من دهاة العرب البارعين في ابتكار الحيل، فقال لمعاوية: عندي رأي غير الهزيمة إنْ قَبِلَه أصحاب علي اختلفوا وإن ردّوه اختلفوا، هو أن نرفع المصاحف على رؤوس الرماح وندعوهم إلى المحاكمة إلى القرآن الكريم، ففرح معاوية بهذا الرأي، فلما أصبح الصباح رأى أصحاب علي المصاحف على رؤوس الرماح وإذا هم ينادون بالتحاكم إليها.
  فوقفت جيوش علي # وتحيَّرت، فقال لهم علي #: هذه حيلة من ابن العاص حين عضَّتهم السيوف وأخذتم منهم بالمخنق، إنهم ليسوا من أهل القرآن ولا يريدون حكم القرآن، وجرت مناقشات ومحاولات ومحاورات بين علي # وأصحابه، فأصرَّ القُرّاء من أصحاب علي # على قبول التحاكم إلى القرآن الكريم، وكانوا كثرة كاثرة تنيف على عشرين ألفاً، وأحدقوا بعلي # وحملوه على القبول بالتحكيم، واضطرّوه إليه، وهو كاره له، وإنما قَبِلَ علي التحكيم وهو كاره له لأنه # لم يكن أمامه في تلك الحال غير خيارين: