التدريج في الدعوة
  ولا خلافَ عِنْدَ جميع فِرَقِ الشيعة أنّ علياً أوّل ذَكَرٍ أسلم، واختلف أهلُ السنة فقال بعضهم: عليٌ أوّل مَنْ أسلم، وقال بعضهم: أبو بكر أوّل من أسلم، ولما رأى البعض من أهل السنة أن هذا القول غير مقبول جاء بقول أقرب إلى القبول، فقال: أبو بكر أول من أسلم من الرجال، وعليٌ أوّل مَنْ أسلم من الصبيان(١).
  ونقول: إن علياً هو أول من أسلم على الإطلاق، ولم يكن صبياً حين أسلم بل كان اسلامه بعدما بلغ سنّ التكليف، ولو كان صبياً حين أسلم لما اعتدَّ النبي ÷ بإسلامه، ولما قَبِل منه ذلك؛ لأنّ الله تعالى رفع التكليف عن الصبيان والمجانين، وقد أجمع أهل البيت وعلماء الشيعة بما فيهم الزيدية على أن علياً هو أوّل من أسلم على الإطلاق، ورووا في ذلك روايات صحيحة عن النبي ÷ وعن علي وغيره، بالإضافة إلى ما رواه الكثير من محدّثي أهل السنة والجماعة.
  وبعد، فأهل السنة والجماعة مُتَّهَمُون في مثل ذلك لما عُرِف من عداوتهم لعلي ولأهل البيت حتى جعلوا حبّ علي ذنباً وجريمة لا تُغْفَر، ثم لما عرف
= والعقيلي وأبو نعيم، ورواية أخرى لأبي علي الصفار. اهـ وانظر: المستدرك على الصحيحين (٣/ ١٢٠ رقم: ٤٥٨٤)، السنن الكبرى للنسائي (٧/ ٤٠٩ رقم: ٨٣٣٨)، السنة لابن أبي عاصم (٢/ ٥٩٨ رقم ١٣٢٤)، خصائص علي للنسائي (١/ ٢٥)، فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (٢/ ٥٨٦ رقم ٩٩٣). وسنن ابن ماجه (١/ ٤٤ رقم ١٢٠).
(١) وأيضاً لو كان غير مكلف لما مدحه النبي ÷ في روايات كثيرة بأنه السابق إلى الإسلام، وغير ذلك، وأيضاً من التدريج في الدعوة يظهر أن النبي ÷ قد بقي عدة سنوات وليس معه إلا أمير المؤمنين # وخديجة ^، وأيضاً وردت روايات عند أهل السنة أن زيد بن حارثة أسلم قبل أبي بكر، ففي الكبير للطبراني عن محمد بن إسحاق قال: أسلم زيد بن حارثة بعد علي ¥ فكان أول من أسلم بعده، وفي معرفة الصحابة لأبي نعيم عن علي # قال: أسلم زيد بن حارثة ... إلى قوله: فكان أول ذكر أسلم وصلى بعد علي #، وانظر سيرة ابن إسحاق وسيرة ابن هشام والكامل لابن الأثير وغيرها.