لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

غزوة بدر الكبرى

صفحة 70 - الجزء 1

غزوة بدر الكبرى

  كانت غزوة بدر في اليوم السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة النبوية على صاحبها وآله أفضل الصلاة والسلام، وهذه الغزوة أول غزوة التقى فيها جيشُ المسلمين - بقيادةِ نبيِّهم ÷ - وجيشُ قريش، وقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يُذلَّ في هذا اللقاء مشركي قريش المتكبرين، ويُعِزَّ أولياءه المؤمنين ويرفعَ من شأنهم، ويجعل لهم مهابة ومكانة عند أعدائهم.

  وقد حكى الله تعالى هذه الغزوة وفَصَّلها في سورة الأنفال، ونحن ذاكروها على حسب ما جاء في سورة الأنفال من غير زيادة:

  وَعَدَ اللهُ سبحانه نبيَّه ÷ والمسلمين - المهاجرين والأنصار - الظفر بواحدٍ من اثنين إما عير قريش التي تعود من الشام بتجارات لقريش، وإمَّا الظفر بجيش قريش الخارج من مكة بعدده الكثير البالغ ألف رجل تقريباً، المتباهي بكثرته وقوته الذي يرائي الناس بما هو فيه من العظمة والشدة، وليس له غرض بعدما عرفوا اتجاه العير القادمة من الشام سوى البطر وعرض العضلات والشهرة بين الناس.

  وبناءً على هذا الوعد الصادق خرج النبي ÷، وخرج معه جماعة من المهاجرين والأنصار لا يتجاوز عددهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً وهم يتمنون الظفر بتجارة قريش العائدة من الشام، وليس لهم رغبة في مواجهة قريش ثم الظفر بها؛ لما هم فيه من الضَّعف وقِلةِ العَدَدِ والعُّدَّة، ولِمَا يعرفون من قوة جيش قريش وكثرة عَدَدِهِ وعُدَّتِه، لذلك كرهوا مواجهتها، وتمنوا الظفر بالغنيمة الباردة، ولضعف المسلمين فقد كان فريق من المؤمنين كارهين للخروج مع علمهم بقوة عدوهم وكثرته، وقد وصف الله تعالى شدة كراهتهم بقوله: {كَمَآ أَخۡرَجَكَ رَبُّكَ مِنۢ بَيۡتِكَ بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ لَكَٰرِهُونَ ٥ يُجَٰدِلُونَكَ