لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[أول مبارزة في الإسلام وبعض ما وقع في غزوة بدر]

صفحة 74 - الجزء 1

  هو أمرٌ للمسلمين لا للملائكة؛ بدليل أن الله تعالى رتب الأمر بذلك بالفاء على قوله: {سَأُلۡقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعۡبَ}⁣[الأنفال: ١٢]، مما يدل على أن العلم بخوف العدو ورعبه وشدة فزعه يتسبب في الإقدام على ضربه والشجاعة على مواجهته، والملائكة À لا يحتاجون لمثل ذلك التشجيع لقوتهم وعلمهم بالسلامة.

[أول مبارزة في الإسلام وبعض ما وقع في غزوة بدر]

  قوله تعالى: {۞هَٰذَانِ خَصۡمَانِ ٱخۡتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمۡۖ فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتۡ لَهُمۡ ثِيَابٞ مِّن نَّارٖ ...} الآية [الحج: ١٩]: اتفقت الروايات السنية والشيعية على أن هذه الآية نزلت⁣(⁣١) في الثلاثة الذين خرجوا من صف المشركين، وطلبوا من المسلمين البراز، وهم: عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وأخوه شيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة بن ربيعة، فبرز إليهم من صف المسلمين ثلاثة: علي بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، فقتل عليٌّ قرنه الوليد، وقتل حمزة قرنه شيبة، وضرب كل من عبيدة وعتبة صاحبه، فعطف علي وحمزة على عتبة فخبطاه بأسيافهما حتى همد، وكان قد أصيب بجراحة مثخنة من عبيدة، وحمل علي وحمزة صاحبهما عبيدة وقد أصيب بضربةٍ مثخنة أدت أخيراً إلى وفاته رحمة الله عليه.

  واتفقت المصادر التاريخية على أن قتلى قريش بلغوا سبعين قتيلاً، وأن أسراهم بلغوا سبعين أسيراً، وأن قريشاً هُزِمتْ في هذه الوقعة هزيمةً قبيحة، واتفقت المصادرُ أيضا على أن قتلى المسلمين في هذه المعركة كانوا ثمانية من الأنصار وستة من المهاجرين.


(١) انظر: صحيح البخاري (٥/ ٧٥ رقم ٣٩٦٥، ٣٩٦٦، ٤٧٤٤)، سنن ابن ماجه (٢/ ٩٤٦ رقم ٢٨٣٥)، المستدرك على الصحيحين (٢/ ٤١٦ رقم ٣٤٥٦)، وغيرها كثير.