لمحات من السيرة النبوية الشريفة،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

أسرى بدر

صفحة 79 - الجزء 1

  يشاور أصحابه فيما لم ينزل فيه شيء، فشاور النبي ÷ أصحابه في أسرى بدر فأشار كلهم تقريباً بأخذ الفداء فوافقهم ÷ ونزل عند رغبتهم، وكان شديد الشفقة والرحمة بهم، وكانت عادته وسنته ÷ الموافقة لأصحابه في رأيهم ولو كان رأيهم خلاف رأيه إذا لم يكن هناك في القضية حكم من الله، ألا ترى أنه ÷ وافقهم في غزوة أحد في الخروج من المدينة، فخرج منها وهو كارهٌ للخروج؛ نزولاً عند رغبة أصحابه.

  وحينئذٍ فالنبي ÷ بريء من الَّلومِ الذي جاءت به الآية السابقة، وهو خاص بالذين أخذوا الفداء، يوضح ذلك قوله تعالى في نفس الآية: {تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنۡيَا وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَۗ}⁣[الأنفال: ٦٧]، والنبي ÷ لم يأخذ فداءً؛ لأنه لم يكن معه أسير، ومن المعلوم أن النبي ÷ لم يُرِد الدنيا ولم يطلبها ولم يلتفت إليها، وأن أنبياء الله مُنَزَّهُون عن ذلك، يكرهون ما كره الله ويحبون ما أحبه.

  وهو ÷ غير ملوم في موافقة أصحابه الذين رغبوا في أخذ الفداء، واللوم هو متوجه إليهم وحدهم؛ لأجل رغبتهم في المال ومحبتهم له.

  وفي هذه الغزوة أعلى الله تعالى كعب نبيه ÷، فعظمت هيبته، وانتشر صيته، وفيها شفى الله تعالى غيظ النبي ÷ بقتل ألد أعدائه وأعداء دينه وفيها لمع نجم علي بن أبي طالب حيث قتل في هذه المعركة ما يقارب نصف قتلى قريش.