[الكلام في معرفة الحجج الدالة على بطلان الإحالة]
  والسادسة: قوله سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ١٠٦}[يونس]، فانظر كيف صرح سبحانه بأن كل من دعا ما لا ينفع ولا يضر من دون الله سبحانه فهو ظالم.
  والمطرفية وإن لم يَدْعوا الأصول ويعبدوها من دون الله سبحانه عبادة ظاهرة فقد أوجبوا لها ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه، وهو فعل الفروع، وكفى بذلك مدحاً لها، وتعظيماً لأمرها.
  والسابعة: قوله سبحانه: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ ٩ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ١٠}[هود]، فانظر كيف صرح سبحانه بأنه ينزع النعمة إذا شاء، ويردها على من يشاء.
  والثامنة: قوله سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ٣٥}[الأنبياء].
  والتاسعة: قوله سبحانه: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ... الآية}[الزمر: ٤٢]، فانظر كيف صرح الله سبحانه بأنه المدبر لأمر عباده، ولم يكلهم إلى إحالة الأصول(١) بغير قصده.
  والعاشرة: قوله سبحانه: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ٢٢ لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ٢٣}[الحديد]، فانظر كيف صرح سبحانه بأنه الباريء لكل مصيبة، والعالم بها قبل إنزالها، وأخبر بذلك سبحانه ليعلم الخلق أنها منه فلا يفرحوا بالدنيا، ولا يغتموا على ما فات منها؛ لكونها دار محنة وابتلاء، وأن كل شيء منها يصير إلى الفناء.
(١) نخ (ج): أمو.