[الكلام في معرفة الحجج الدالة على بطلان الإحالة]
  وفي صحة ذلك بطلان تسمية المطرفية للمصائب جوراً وفساداً، وتنزيههم لله سبحانه عنها، إلا أن يظنوا أنهم أصدق منه حديثاً، وأهدى إلى الحق، فقد ظنوا أشباه ذلك.
  وأما ما يوافق ذلك من السنة وأقوال الأئمة $:
  فأما السنة: فقد ذَكَرْتُ من الأخبار المروية عن النبي ÷ ما يدل على ما لم أذكره لمن لم يؤثر الحمية، ويكابر اليقين؛ فمن ذلك:
  قوله ÷: «من فتح الله له باب دعاء فتح الله له باب إجابة ورحمة، وذلك قوله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر: ٦٠]».
  وقوله ÷ لمعاذ |: «لن ينفعك حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل؛ فعليكم بالدعاء»؛ فانظر كيف سمى المحذور قدراً، وندب إلى الدعاء، فلو كان الأمر في الفروع موكولاً إلى الأصول لما نفع الدعاء، وقد روي عن المطرفية أنهم لا يرون الدعاء.
  وكذلك قوله ÷ لأصحابه عقيب نزول مطر: «هل تدرون ما ذا قال ربكم؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، [قال](١) قال: «أصبح من عبادي مؤمن وكافر؛ فأما من قال: مطرنا بفضل الله فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب(٢)، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب(٣)».
  فانظر كيف سمى إضافة المطر إلى الأنواء كفراً، وإضافته إلى البحار وتنزيه الله من قصد إنزاله أظهر كفراً؛ لكونه مذهباً معتقداً، فاعرف ذلك.
  وكذلك قوله ÷ في ذكر حوت الطعام «مَنَّ عليهم بالدابة تكون في الحبة، لولا ذلك ما كنزت الملوك غيرها، ومَنَّ عليهم بالسلوة بعد المصيبة،
(١) زيادة من نخ (ج).
(٢) نخ (ب): بالكوكب.
(٣) نخ (ب): بالكوكب.