[بيان الحامل على الجواب]
  وأما قولك: «إنك على أوفى يقين من بغضك العترة الحاضرين - فهب أنه وجب عليك بغض من عرفت من السرف، فما الذي حملك على تناولك من سلف من السلف، وقد قال الله تعالى في كتابه المبين، مؤذناً لعباده المؤمنين: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[المائدة: ٨]، مع أنك لو وفقت ما امتدحت ببغضهم، وقد قال الإمام المنصور بالله #:
  إن شك في المولود يوماً والدٌ ... فحبنا يوماً عليه شاهد
  وأما قولك: «إنك إن لم تفضل المعتزلة على الأئمة» فقد أكذبت نفسك بتفضيلك لعلوم المعتزلة، إذ لا خلاف في فضل العالم على من هو دونه في العلم.
  وأما قولك: إن لفظة الاعتزال ما وردت في الكتاب والسنة إلا صفة مدح - فقد أكذبك الله بقوله: {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ ٢١}[الدخان]، وبوصفه لابن نوح أنه كان بمعزل عن أبيه، مع أن من اعتزل أئمة الهدى وعلومهم لا يستحق المدح بذلك.
  وأما قولك: إن من الأئمة من رحّم على المعتزلة - فذلك محتمل للتأويل، وقد صح عن الإمام المنصور بالله # أنه أفتى بألّا يصلى خلف من يرضي عن أئمة المعتزلة، فضلاً عن المعتزلة.
  وأما قولك: إن الصاحب الكافي مدح نفسه بالجمع بين التشيع والاعتزال فلا يخلو: إما أن يكون جمع بين حقين؛ فيكون قد وصف الشيعة والمعتزلة باتباع الباطل الذي ترك. وإما أن يكون قد جمع بين حق وباطل، فذلك الذي أنكرت إنكاري له. وإما أن ترحمك عليه مطلقاً، فقد خالفت الإمام # لأنه لم يرحم عليه كما رحم على أبي الجارود، بل [قال]: نفعه الله بصالح عمله، فاقتد به إن كنت منصورياً كما ادعيت.
  وأما حكايتك عن بعض شعراء الزيدية المعتزلة أنه قال:
  ما فرقة من جميع الناس قاطبة ... إلا وصال عليها كلُّ معتزلي