مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

(الكناية)

صفحة 442 - الجزء 2

  مانعة من إرادة الأصلي على وجه التساوي، فيكون الداخل في المجاز هو ما يصحبه قرينة تمنع من التساوي في الإرادة بأن تصحبه قرينة ترجح أحد المعنيين، فإذا صحبته قرينة التساوي، أو قرينة لا مرجحة ولا مسوية، فذلك هو الخارج عن تعريف المجاز.

  ومن المعلوم أن الكناية ليس في تعريفها إلا صحة إرادة المعنيين، وذلك صادق بذي القرينة المرجحة، الذي هو المجاز على ذلك التعريف وبغيره، فتكون الكناية أعم، ويلزم على هذا التقدير أن لا يصح إخراجها ولا مباينتها، وعموم الحد أنواع المجاز غير الكناية إلا بجعل أنواع المجاز غير الكناية لا بد فيها من قرينة مرجحة، وجعل الكناية مختصة بالقرينة المسوية، أو بالتي هي لا مرجحة ولا مسوية، ومعلوم أن هذا من التحكم الذي لا دليل عليه.

  وثانيها: أنه إن أريد بالترجيح الذي يكون في الكناية كون المعنى المجازي هو المقصود وإليه ينصرف التصديق والتكذيب والحقيقي واسطة؛ فالمجاز كذلك؛ إذ لا يمتنع أن يقصد الإشعار به لينتقل منه إلى المراد الذي نصبت القرينة عليه، وإن أريد به كونه أهم، ولكن يراد الحقيقي معه بحيث ينصب إليه التصديق والتكذيب، فهذا مما لا يتحقق، إذ ما ينتفي الصدق بانتفائه لا تتحقق أهمية غيره عليه، وعلى هذا فما تقدم من أن الفرق بين ما يفهم منه باللازم ولا يكون كناية وما يفهم منه ويكون كناية، أن الأصلي في الأول هو المقصود بالذات، واللازم في الثاني هو المقصود، ينبغي أن يحمل على معنى أن الذي ينصرف إليه التصديق والتكذيب هو الأصلي في الأول، واللازم في الثاني لا أنهما ينصرف التصديق والتكذيب إلى الملزوم واللازم فيهما معا إلا أن أحدهما أهم، تأمل.

  وثالثها: أن ذلك على تقدير تسليمه لا يدل عليه اللفظ في تعريف المجاز، ولا في تعريف الكناية، بل يحتاج إلى وحي يسفر عنه فبطل الجواب به، فافهم.

  وههنا بحث لا بد من التنبه له وهو أن المراد بجواز إرادة المعنى الحقيقي في الكناية هو أن الكناية من حيث إنها كناية أي: من حيث إنها لفظ أريد به لازم معناه بلا قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي، لا تنافي ذلك، بمعنى أنها من حيث اقتضاء