تعريف علم البيان
  من مراعاة المطابقة فيها فليس للمطابقة تحقق بدونها حتى تكون كالمعروض لها؛ لأن كونها بطريق مخصوص متى كان ذلك الطريق غير مطابق بطل عروضه لها لمضادته لها حينئذ. نعم هو غيرها من حيث إنه طريق مخصوص، وإن لزم اعتبار أن يكون مطابقا، فالأقرب إليه أن يكون معروضا للمطابقة لا عارضا لها؛ إذ هو موصوفها فتأمل.
  وأما الثالث، وهو أن مفاده كذكر خاص بعد عام؛ فلأن الإيراد بطريق مخصوص دون غيره لا بد فيه من المطابقة والمطابقة توجد بدونه، وهو أيضا قريب، غير أنه يرد عليه ما ورد على ما قبله؛ لأن مطلق الإيراد لا يستلزم المطابقة، وكونه لا بد فيه من المطابقة لا يستفاد من هذا الفن، فتأمل حتى تعلم أن ما أطبق عليه المحققون هنا من هذا التعليل الموجب للتأخير ضعيف، والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم.
تعريف علم البيان
  (وهو) أي: البيان (علم)، ويعنى بالعلم هنا الملكة الحاصلة من طول ممارسة قواعد الفن، بمعنى أن من حصلت له تلك الممارسة حصلت له حالة بسيطة بها، ويكون صاحبها بحيث يتمكن من إدراك حكم أى جزئى من جزئيات هذا الفن، بمعنى أن أى معنى يريد إيراده بطرق مختلفة فى الوضوح والخفاء يتمكن له بتلك الملكة إيراده بما يناسب من تلك الطرق، وعلى هذا تكون جزئيات هذا الفن هى المعانى التى يراده التعبير عنها وأحكامها كون هذا الطريق مثلا أنسب من هذا، بحيث يورد كل معنى يدخل تحت القصد بما يناسبه من الطرق المختلفة فى الوضوح والخفاء، ويحتمل أن تكون الأحكام مجرد كونه، بحيث يورده بذلك أو بهذا من غير رعاية المناسبة، وسيأتى - إن شاء الله تعالى - ما فى ذلك، ويحتمل أن يريد بالجزئيات التراكيب التى يورد بها المعانى، وهو الأقرب، ويراد بأحكامها كون هذا التركيب صالحا لهذا المعنى، أى: لا يراده مع ذلك التركيب، وكون هذا أنسب مثلا دون ذلك. هذا إذا أريد بالعلم الملكة، ويحتمل أن يريد بالعلم القواعد والأصول المعلومة إذ بها تعرف أحكام المعانى المؤداة، ولا يصح أن يريد بالعلم اعتقاد مسائل الفن؛ لأن مجرد اعتقادها لا يعرف به أحكام الجزئيات،