جامع التماثل
  تعالى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ٣ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}(١) وفيه نظر لأن الكلام فى مصحح العطف بالواو فالأقرب أن الاتحاد لا يستقل بأن يوجد فى الركنين معا عند العطف بالواو تأمل.
  ثم تحقق الجامع العقلى بوجود الاتحاد، كتحقق الجنس بالنوع كما يقال: يوجد الحيوان بوجود الإنسان، لا يقال كون المسند إليهما أو المسندين متحدين معنى وكونهما متناسبين بأى جامع عقليا كان أو وهميا أو خياليا إنما يقتضى اجتماع ذينك المتناسبين عند المفكرة، لأنهما هما اللذان جمع بينهما العقل أو الوهم أو الخيال، ولا يلزم من ذلك اجتماع مضمون الجملتين الذى هو النسبة الحكمية، والمطلوب اجتماع مضمون الجملتين، لا اجتماع المفردات الموجودة فى الجملتين لأن الجملتين هما اللتان وقع فيهما عطف، فيطلب الجامع بينهما لا المفردات إذ لا عطف فيها حتى يطلب الجامع بينهما لأنا نقول إذا تحقق الجامع بين المفردات فالنسبة من حيث هى متحدة وإنما تختلف باعتبار المفردات، فإذا تحقق تناسب المفردات تحقق تناسب النسبتين فى الجملتين، فصح العطف للاجتماع عند المفكرة حتى فى النسبة تبعا للمفردات التى يقع بها التخالف أو التناسب فافهم.
جامع التماثل
  (أو) يكون بينهما (تماثل) فى الحقيقة كأن يقال: زيد كاتب وعمرو شاعر فبين زيد وعمرو تماثل فى الحقيقة الإنسانية فكأنه قيل الإنسان كاتب والإنسان شاعر ثم أشار إلى وجه كون التماثل جامعا بقوله (فإن العقل) أى إنما قلنا أن العقل يجمع بين المتماثلين، عند المفكرة لأنه أعنى العقل (بتجريده المثلين) أى المتماثلين فى الحقيقة (عن المشخصات فى الخارج) مثل اللون المخصوص بين زيد وعمرو، والمكان المخصوص والمقدار المخصوص، وغير ذلك من المشخصات الخارجية (يرفع التعدد) يتعلق به قوله بتجريده، أى يرفع العقل التعدد الكائن بين زيد وعمرو مثلا بسبب تجريدهما عن المشخصات الخارجية، فحينئذ يصيران شيئا واحدا عند المفكرة كالمتحدين، وإنما
(١) التكاثر: ٣، ٤.