مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

تقسيم آخر للتشبيه باعتبار وجهه:

صفحة 203 - الجزء 2

  عاديا لا عقليا، ومعنى ذكره فى مكانه أن يؤتى به على طريقة التركيب، وأخرج بذلك ذكر الوصف المشعر بالوجه لأحد الطرفين أو لكليهما - كما تقدم، فإنه لا يذكر على طريق ذكر وجه الشبه، بأن يقال: كذا مثل كذا مثلا فى كذا، بخلاف المستتبع هنا فيذكر على هذا الطريق، (كقولهم فى الكلام الفصيح: هو كالعسل فى الحلاوة) وفى الحجة الواضحة هى كالشمس فى الإشراق، (فإن الجامع فيه) أى: فى قولهم هو كالعسل فى الحلاوة (لازمها) أى: لازم الحلاوة، بمعنى أن الوجه المشترك فيه فى هذا التشبيه لازم الحلاوة، (وهو) أى: لازم الحلاوة (ميل الطبع) واستحسانه للكلام لا نفس الحلاوة، كما أن الوجه المشترك فى قولهم: الحجة كالشمس فى الإشراق لازم الإشراق، وهو إزالة الحجاب، فإن أريد بميل الطبع عدم المنافرة كان اعتباريا كما قيل، وإن أريد به محبته واشتهاره والفرح به كان حقيقيا، ثم ما ذكر من أن المذكور هنا ما يستتبع الوجه هو المتبادر بحسب الظاهر، ويحتمل أن يكون مما ذكر فيه الوجه بنفسه، ويكون وجود الحلاوة فى الكلام على وجه التخيل، ووجود الإشراق فى الحجة كذلك وهو الأقرب، فإن الوجه الأول يرد عليه أن يقال: إن كان ذكر الحلاوة مثلا من التعبير عن الملزوم باللازم - كما هو ظاهر كلامهم - كان من المجاز، ولا تسامح فيه؛ لأنه قد ذكر الوجه، إلا أنه عبر عنه بلفظ ملزومه، وإن كان غير ذلك فهو خطأ، إذ لا واسطة بين المجاز والحقيقة إلا الخطأ، ولا ينبغى حمل الكلام الفصيح على الخطأ - فافهم.

تقسيم آخر للتشبيه باعتبار وجهه:

  (و) نعود (أيضا) إلى تقسيم آخر فى التشبيه باعتبار الوجه، وقد تقدم أن فيه ثلاثة تقسيمات، وهذا هو الثالث منها، فنقول التشبيه باعتبار الوجه أيضا:

التشبيه القريب المبتذل

  (إما قريب مبتذل)، والابتذال هو الامتهان، وذلك يقتضى كثرة الاستعمال، ويتصور هنا - باعتبار التصرف العقلى - أن يكون الوجه قريب التناول بحيث يمكن لكل أحد التشبيه به، ولكن اتفق أنه لم يكثر استعماله فلا يكون مبتذلا، وأن يكون قريب التناول، وكثر استعماله فيكون مبتذلا، وأن يكون بعيدا عن كثير من الإدراكات بحيث