مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

حتى إذا وأراك أفق، فارجعي

صفحة 175 - الجزء 1

  جذب الليالى مجاز أنه نسب آخرا إفناء الشعر إلى الإرادة، فدل على أن القائل لا يعتقد التأثير فى الشعر للزمان ومضيه، فإن قيل متعلق الإرادة فى كلامه إنما هو طلوع الشمس، والدليل مبنى على جعل متعلقها الفناء فلعله يكون الإسناد الأخير عنده هو المجاز، بدليل ما ذكر من جعل الإرادة متعلقة بطلوع الشمس، فيكون إسناد الفناء إلى الإرادة من الإسناد إلى السبب وهو مجاز، قلنا: يؤخذ من نسبة الإفناء إلى إرادته ولو تعلقت فى كلامه بطلوع الشمس أنه تعالى يوصف باسمه المفنى؛ لأن الإفناء للذات ولو كان حصوله بالصفة ويؤخذ من قوله أيضا.

حتى إذا واراك أفق، فارجعى

  أن رجوع الشمس بإرادته وإعادتها بقوته فيستفاد منه وصفه باسمه المعيد، فإذا كان فى اعتقاد المتكلم بهذا الكلام أن الله تعالى هو المفنى والمعيد، ومن يعترف بالإعادة يعترف بالابتداء والإنشاء، فيكون هو المبدئ والمنشئ فى اعتقاده لم يكن من الدهريين الذين ينسبون التأثير إلى الزمان بدءا وفناء، والحق أن هذا الجواب تكلف، والمتبادر من كلام أبى النجم هو مقتضى السؤال تأمله.

أقسام المجاز العقلى

  ثم أشار إلى تقسيم فى المجاز العقلى باعتبار طرفيه فقال (وأقسامه) أى: المجاز العقلى (أربعة) باعتبار حقيقية الطرفين ومجازيتهما أو أحدهما وذلك (لأن طرفيه) وهما المسند والمسند إليه (إما حقيقتان) باعتبار الوضع اللغوى (نحو أنبت الربيع البقل) فإنبات البقل الذى هو المسند حقيقى لاستعماله فى معناه اللغوى، والربيع الذى هو المسند إليه معناه كذلك فهما حقيقتان (أو مجازان) لغويان (نحو أحيا الأرض شباب الزمان) فالإحياء الذى هو إيجاد الحياة قد استعمل فى غير معناه وهو إيجاد نضارة الأرض وإحداث خضرتها؛ وذلك أن فى الأرض أصولا ذوات القوى، بمعنى أن لها قوة هى قبولها النمو وحدوث زهرتها بتهييج تلك الأصول وتحريكها بإحداث زهرتها وخضرتها نضارتها هى المراد بالإحياء، فقوله: أحيا استعارة تبعية، وذلك أنه شبه إيجاد الخضرة وأنواع الأزهار بإعطاء الحياة وإيجادها، ووجه الشبه كون كل منهما إحداث