الفصل والوصل
الفصل والوصل
  (الفصل والوصل) قدم فى الترجمة ذكر الفصل على ذكر الوصل؛ لأن الفصل مرجعه إلى عدم العطف، والوصل مرجعه إلى العطف كما سيأتى فى تعريفهما.
  ومعلوم أن عدم العطف الذى هو الفصل أصل إذ لا يفتقر فيه إلى زيادة شيء على المنفصلين، والعطف الذى هو الوصل يفتقر فيه إلى وجود حرف مزيد ليحصل، وما يفتقر فيه إلى زيادة حرف فرع عما لا يفتقر فيه إلى شيء؛ إذ ما لا يفتقر فيه إلى شيء مزيد كالذاتى، وأيضا العدم فى الحادث سابق على وجوده، وأيضا حيث كان لا بد منهما فما يقتضى وجود الوصل بعد الفصل أحسن لما فيه من التفاؤل مما يقتضى العكس لما فيه من التطير، وكان الجارى على هذا أن يقدم الفصل على الوصل فى التعريف أيضا، لكن الوصل بمنزلة الملكة، والفصل بمنزلة عدمها، وإنما قلنا: بمنزلة الملكة وعدمها لا أنهما ملكة وعدمها حقيقة؛ لأن عدم الملكة نفي شيء عما من شأنه أن يتصف بذلك الشيء، والفصل ترك العطف، وذلك يقتضى سبق الشعور به، والعدم لا يقتضى ذلك.
  وأيضا قيل: إن عدم الملكة نفى الشيء عن الشخص القابل له، والجملتان المنتفى عنهما الوصل لا يقبلان الوصل بشخصهما بل جنسهما؛ لأن القطع واجب فى البلاغة، نعم إذا بنينا على أن الملكة ما نفى عما يقبله جنسه أو ما نفى مع إمكانه، ولو كان غير لائق؛ لأن المنقطعتين من الجمل يمكن فيهما الوصل، ولو كان غير لائق كان الوصل ملكة على هذا حقيقة، أو لأن الملكة معنى موجود تتصف به الذات الموجودة، والعدم نفيه عن تلك الذات القابلة، والفصل والوصل إثبات الشيء ونفيه فى الجملة، إذ هما عارضان اعتباريان لنوع من الكلام، ولو كان متعلقهما وجوديّا ولما كان الوصل بمنزلة الملكة بهذا الاعتبار، والفصل بمنزلة عدمها؛ والأعدام إنما تعرف بملكاتها بدأ فى تعريفهما بذكر الوصل خلاف ما فى الترجمة فقال: