مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الشروع في الفعل.

صفحة 651 - الجزء 1

  والكلام الذى وقع به اللوم وهو قولهن {امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}⁣(⁣١) مشتمل من أفعال اللوم على فعلين.

  أحدهما: مراودتها، والآخر: حبها فيحتمل أن يقدر (فى حبه لقوله تعالى) حكاية عن اللوائم ({قَدْ شَغَفَها حُبًّا}) أى: أصاب حبه شغاف قبلها وهو غشاؤه كناية عن إحاطة حبها له بقلبها حتى أحاط بشغافه.

  وقيل المعنى أصاب باطن قلبها وقيل وسطه (و) يحتمل أن يقدر (فى مراودته لقوله تعالى) حكاية عن اللوائم أيضا ({تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ} و) يحتمل (أن يقدر فى شأنه حتى يشملهما) أعنى الفعلين المذكورين فى اللوم، وهما الحب والمراودة (و) لكن (العادة) المتقررة عند المحبين (دلت على) التقدير (الثانى) وهو فى مراودته وذلك (لأن الحب المفرط لا يلام صاحبه عليه فى العادة) عند المحبين (لقهره إياه) أى: لقهر الحب صاحبه وإنما يلام عليه عند غير المحبين غفلة عن كونه ليس بنقص. فإن لام عليه المحبوب فللوازمه، وأما من كف عن لوازمه الردية فلا لوم عليه. وإذا امتنع تقدير نفس الحب لم يقدر بخصوصه ولا بما يشمله كالشأن فتعين تقدير فى مراودته، وهذا ظاهر فى عدم تقدير الحب، وأما عدم تقدير الشأن فليس بظاهر لصحة تقديره باعتبار الشق الصحيح مما يشتمل عليه وهو المراودة.

أدلة تعيين المحذوف:

الشروع في الفعل.

  (ومنها) أى: من أدلة تعيين المحذوف بعد دلالة العقل على أصل الحذف (الشروع فى الفعل) وذلك (نحو) قولنا (بسم الله) فإن الجار يدل بالعقل بعد إدراك أصل وضعه أنه لا بد له من متعلق، والشروع فى فعل من الأفعال يعين المحذوف (فيقدر) خصوص لفظ (ما جعلت التسمية مبدأ له) فإذا أريد الأكل قدر آكل بعد بسم الله، وإذا أريدت القراءة قدر أقرأ بعد بسم الله وهكذا وتقدير خصوص لفظ ما جعلت


(١) يوسف: ٣٠.