مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

اعتبار ما سيكون

صفحة 267 - الجزء 2

  على البالغين؛ لأن إيتاء المال بعد البلوغ، وإطلاق ذلك على البالغين إنما هو باعتبار الوصف الذي كانوا عليه قبل البلوغ، لأنه محل اليتم، وليس موجودا الآن، إذ لا يتم بعد البلوغ. ولا يخفى أيضا صحة الانتقال لعلاقة ما كان عليه المسمى كما في السببية، لأن الوصف مشعر بالموصوف في الجملة، والموصوف كالسبب المؤدي للشيء، لأن الصغر يئول إلى البلوغ إلا لعارض.

اعتبار ما سيكون

  (أما ما يئول إليه) أي: ومن المجاز المرسل تسمية الشيء بالاسم الذي يطلق على ذلك الشيء باعتبار ما يئول إليه يقينا، أو ظنا، لا احتمالا، وأما في الحال فلم يوجد سبب التسمية، ولا شك أن الارتباط موجود بين الحال وما يئول إليه صاحبه، وذلك مصحح للانتقال المصحح للتجوز، وذلك (نحو) قوله تعالى حكاية: {إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً}⁣(⁣١) أي: أعصر عنبا يؤول إلى أن يصير خمرا بعد العصر، فقد سمي العنب باسم الحال الذي سيحدث ويؤول إليه المسمى، وإنما لم أقدر أعصر عصيرا يصير خمرا، لأنه يحتاج إلى تكلف في نسبة العصر إلى العصير، كنسبة القتل إلى القتيل فإنه لا يصح إلا بالتزام أن الفعل يقارن تعلقه وصف المفعول به، كما يقال في المفعول المطلق، والتحقيق أن المفعول يتعلق به الفعل قبل وصفه بالمشتق، ويترتب عليه صحة الاشتقاق، وعليه يكون التقدير في أعصر خمرا أستخرج عصيرا يصير خمرا والتقدير الأول يغني عن التأويل، فليتأمل.

  ومما يشبه الإطلاق بحسب التأويل إطلاق اللفظ على الشيء لكونه في قوة الاتصاف بمعنى ذلك اللفظ؛ كقولك: هذا الخمر مسكر في الدن⁣(⁣٢)، واتصافه بذلك على وجه الاحتمال كاف على ظاهر كلامهم؛ وفيه مخالفة لما ذكر في العلاقة الآلية.


(١) يوسف: ٣٦.

(٢) الدّنّ: ما عظم من الرواقيد (ويشبه ما يعرف عندنا بالزير أو ما هو أكبر) والجمع دنان.