مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

بلاغة الكلام

صفحة 127 - الجزء 1

  الغرض حاصل بمجرد استقصاء أسمائها مفردة، وهو أن يعرف عددها السامع أو الناطق وأسماءها، فإذا استقصيت مصحوبة بعدها، فقد عرف عددها وأسماؤها.

بلاغة الكلام

  ثم عرف البلاغة، وقد تقدم أنها تختص بالكلام والمتكلم، فقال: (والبلاغة فى الكلام) هى (مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته) بمعنى: أن الحال الذى هو أمر يقتضى أن يؤتى بالكلام على صفة مخصوصة تناسبه كالإنكار مثلا إذا اقتضى أن يورد الكلام مع صاحب ذلك الإنكار مؤكدا، فالكلام الموصوف بالتأكيد مقتضاه وهو كلى يصدق على قول القائل: إن زيد قائم، أو زيد والله إنه قائم أو ما أشبه ذلك، فإذا قيل فى حال الإنكار: إن زيدا قائم، فهذا كلام، جزئى مطابق، لذلك الكلام الكلى لكونه من مفرداته، وكما صح أن يقال: «الكلى يطابق الجزئى» يصح عكسه وهو: أن الجزئى يطابق الكلى؛ لأن المطابقة نسبة لا تعقل إلا بين شيئين فمطابقة هذا الجزئى لذلك الكلى الذى هو مقتضى الحال فإن كلا من جزئياته مكيف خارجا بما تكيف به كليه ذهنا من التأكيد مثلا هى البلاغة، وقد يطلق مقتضى الحال على كيفية الكلام التى هى نفس التأكيد مثلا المناسبة لذلك الحال، والخطب في ذلك سهل، وهذا المعنى الذي به يندفع ما يتوهم من أن قولهم: إن خصوصية هذا الكلام مطابقة لمقتضى الحال مع قولهم: إن التأكيد مثلا مقتضى الحال يلزم منه مطابقة الشيء لنفسه هو المقرر فى المطول فى تفسير علم المعانى، ولا يخفى أن اعتبار الكلية والجزئية بين المطابق والمطابق بفتح الباء ينتفى به هذا التوهم، سواء اعتبر ذلك فى الخصوصية، أو فى الكلام تأمله.

  ثم مهد لبيان مقتضيات الأحوال وتحقيقها على وجه الإجمال الموجب للتشوف إلى الوقوف عليها تفصيلا كما يأتى بعد قوله: (وهو) أى: مقتضى الحال المناسب لخصوصية فيه أو تلك الخصوصية بعينها (مختلف) باختلاف الأحوال المقتضية له.

  (فإن مقامات الكلام) أى الأحوال المقتضية لخصوصيات فيه (متفاوتة) فى مقتضاها كما اختلفت فى حقائقها، وذلك أن تباين الأسباب فى الاقتضاء يؤذن بتباين المسببات فإن الاعتبار الذى هو الشيء المعتبر فى المقام لكونه مقتضى له، كالتأكيد