مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

حسن التصرف

صفحة 679 - الجزء 2

  فائدة لزيادة قولك إثر ما تقدم من الأبيات: هذا هو الأول المأخوذ منه، وهذا هو الثاني المأخوذ ونحو هذا مما تقدم فإنه معلوم أن الأول أول، والثاني ثان؟ قلت: المراد بيان أنه الأول في نفس الأمر، والثاني في نفس الأمر، ولا يلزم من كونه أول في الكلام أو ثانيا كونه كذلك في نفس الأمر، وإن كان ذلك يؤخذ بطريق المناسبة، والخطب سهل، لأن هذا الكتاب مبنى على قصد كمال البيان. والله الموفق بمنه وكرمه.

  (وأكثر هذه الأنواع) المذكورة لغير الظاهر (ونحوها) أي: ونحو هذه الأنواع (مقبولة) لما فيها من نوع تصرف، والظاهر أن نحوها معطوف على هذه أي: وأكثر نحو هذه الأنواع مقبول وهذا الكلام يقتضي أن من هذه الأنواع ما هو غير مقبول وإن من نحو هذه الأنواع ما هو غير مقبول أيضا، وتعليلهم المقبول بوجود نوع تصرف فيه يقتضي قبول جميع أنواع غير الظاهر، أعنى ما ذكر منها، وما هو نحو ما ذكر، ويؤيد ذلك أن الظاهر يقبل بالتصرف فكيف بغير الظاهر، ولا يقال لا يلزم من خفاء الأخذ حسن الكلام؛ لصحة قبحه من عدم استكماله شروط البلاغة أو الحسن لأنا نقول: كلامنا فيما يوجب القبول باعتبار المأخوذ منه احترازا مما ظهر أنه سرقة، وأقسام غير الظاهر كلها كذلك، وعروض عدم القبول من جهة أخرى لا بحث لنا عنه الآن وبهذا يعلم أن الأولى أن يقال: إن هذه الأنواع ونحوها مقبولة، وكون التعبير بالكثرة لاعتبار ما يعرض من الرد العارض فيه ضعف؛ لما ذكرنا أنه لا بحث لنا عن ذلك الآن.

حسن التصرف

  (ومنها) أي: ومن هذه الأنواع التي تنسب لغير الظاهر مطلقا لا بقيد كونها مذكورة (ما أخرجه حسن التصرف) الواقع من حذق الآخر، ومعرفته كيفية التعيين (من قبيل الاتباع إلى حيز الابتداع) فإن حسن الصنعة يصير المصنوع غير أصله حتى في المحسوسات، فإن الشيء كلما ازدادت فيه لطائف وأوصاف كان أقرب إلى الخروج عن الأصل والجنس ألا يرى إلى الجوهر مع الحجر، والمسك مع الدم (وكل ما كان) الكلام المأخوذ من غيره (أشد خفاء) من مأخوذ آخر، وذلك بأن يكسى من التصرف وإدخال اللطائف ما أوجب كونه لا يفهم أنه مما أخذ منه، وأن أصله ذلك المأخوذ منه