مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

وإذا المنية أنشبت أظفارها

صفحة 271 - الجزء 2

  أنف الدابة فهو مرسل، وإذا استعمل في أنف الإنسان للمشابهة كأن يكون فيه اتساع وتسطيح كأنف الدابة فهو استعارة؛ فيكون لفظا واحدا يصح فيه الإرسال والاستعارة في مصدوق واحد باعتبارين والمفهوم مختلف، كما تقدم في المشفر، وذلك ظاهر.

  ثم هذا التعريف للاستعارة إنما هو إذا أطلقت، كما تقدم و (قد تقيد بالتحقيقية) فيكون تعريفها: ما استعمل في غير ما وضعت له لعلاقة المشابهة مع تحقق ما استعملت فيه نفس الأمر، فتتميز عن المكنى عنها والتخييلية (لتحقق معناها) حينئذ؛ أي: حين استعملت فيه وعنى بها (حسا أو عقلا) دونهما.

  والمراد بالتحقق الحسي: أن يكون معناها مما يدرك بإحدى الحواس الخمس فيصح أن يشار إليه إشارة حسية بأن يقال: نقل اللفظ لهذا المعنى الحسي، وبالتحقق العقلي: أن لا يدرك بالحواس ولكن يكون متحققا في نفسه بحيث يدركه العقل ثابتا ثبوتا لا يصح للعقل نفيه والحكم ببطلان معناه في نفس الأمر باعتبار نظره؛ أعني: نظر العقل خاصة، بخلاف الأمور الوهمية فإن العقل يحكم ببطلانها دون الوهم؛ فتصح الإشارة إليه إشارة عقلية بأن يقال: هذا الشيء المدرك الثابت عقلا هو الذي نقل له اللفظ.

  أما خروج التخييلية بالتحقق فظاهر على مذهب السكاكي كما يأتي إن شاء الله تعالى في قوله:

وإذا المنية أنشبت أظفارها⁣(⁣١)

  لأن الأظفار عنده استعيرت لصورة وهمية لا حقيقة لها، وأما على مذهب المصنف فالمراد بالأظفار حقيقتها، فلا يصح إخراجها إلا أن يعتبر أن الاستعارة إنما هي باعتبار إثباتها للمنية؛ فيكون وهميا.

  وأما خروج المكني عنها فلأنها عند المصنف هي إضمار التشبيه في النفس، والإضمار أمر وهمي كما قيل؛ وفيه بحث؛ لأن الإضمار وإن كان اعتباريا؛ لأنه عبارة


(١) البيت لأبي ذؤيب فى تهذيب اللغة (١١/ ٣٨٠)، (١٤/ ٢٦٠)، وكتاب الصناعتين ص (٢٨٤)، وللهذلى فى لسان العرب (١٢/ ٧٠) (تمم)، والإيضاح ص (٢٦٤) بتحقيق الدكتور / عبد الحميد هنداوى.