مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

استعمال الأمر للاستعلاء

صفحة 501 - الجزء 1

  تصغير إروادا مصدر أرود بمعنى، أمهل تصغير ترخيم استعمل اسم فعل بمعنى أمهل. (موضوعة) خبر قوله والأظهر أى: الأظهر أن الصيغة المذكورة بأنواعها موضوعة

استعمال الأمر للاستعلاء

  (لطلب الفعل استعلاء) وقد تقدم أن المراد بالاستعلاء هنا طلب العلو، بمعنى عد الآمر نفسه عاليا، بإظهار الغلظة سواء كان عاليا فى نفسه أم لا، واعلم أنك إن دققت النظر فى قولهم - مثلا - صيغة الأمر موضوعة لتدل على طلب الفعل، وجدته لا يخلو عن بحث؛ لأنه إن أريد بالطلب الكلام النفسى كان لهذه الصيغة الإنشائية حينئذ معنى خارجى، فتكون خبرا، وإن أريد به الطلب اللفظى فهو نفس الصيغة - تأمل.

  وإنما كان الأظهر أن الصيغة موضوعة للطلب المذكور (لتبادر الفهم عند سماعها) أى: سماع تلك الصيغة (إلى) فهم (ذلك) الطلب وهو الطلب على وجه الاستعلاء، وقد تقرر أن تبادر المعنى من اللفظ إلى الفهم من أقوى أمارات كون ذلك اللفظ حقيقة فيه، وهذا الذى استظهره المصنف مخالف لمذهب الجمهور - كما تقدم - من أنها حقيقة فى الوجوب، ثم التبادر المذكور يرد عليه أن المجاز الراجح يتبادر معناه من اللفظ، ولا يدل ذلك التبادر على كونه حقيقة؛ لأن التبادر أصله كثرة الاستعمال، ويجاب بأن التبادر فى المجازات افتقر فيه إلى قرينة مصاحبة، فلا إيراد؛ لأن التبادر فى الحقيقة لا يفتقر إلى القرينة، وإن لم يفتقر فيه إلى ذلك فهو حقيقة عرفية، وههنا بحث، وهو أن التبادر من غير معرفة الوضع محال، فإذا عرف الوضع عرفت الحقيقة من المجاز؛ لأن الأول بلا قرينة، والثانى بمصاحبتها، فلا يستدل بالتبادر على الحقيقة؛ لأن معرفتها سابقة على التبادر، وقد يجاب بأن السابق على التبادر مطلق معرفة الوضع لا الوضع الذى يتضمن الفرق بين الحقيقة والمجاز، ولا نسلم أن مطلق معرفة الوضع يدل على الحقيقة، لصحة أن يدرك أن هذا اللفظ موضوع لكذا، ولو لم يعلم كون الوضع بالقرينة أو لا فالتبادر بكثرة الاستعمال يدل أن هذا الوضع مثلا حقيقة دون ذلك - تأمله.