ذكر المسند
  للفعل من فاعل، وإنما قال غير مطمع ولم يقل مؤيس من ذكره؛ لأنه يجوز أن يذكر الفاعل بعد النائب للبيان، لكنه لا ينتظر لتمام الكلام بدونه، فهذه الأوجه يفضل بها هذا التركيب خلافه، فللبليغ أن يرجحه بها على خلافه، ولو كان فى خلافه ما يمكن ترجيحه به - أيضا - وذلك أن فيه إيهام الجمع بين متنافيين من حيث إن كون يزيد فضلة يقتضى أن كون ضارع أهم منه، وتقديمه كونه أهم من الفاعل، وهو ضرب من البديع، وفيه التشويق إلى الفاعل بذكر المفعول أولا مع الإطماع فى ذكره ببناء الفعل له، وبهذا يعلم أن اختصاص الخلاف بما ذكر لا يقتضى أرجحيته كما قيل، بل النظر فى ذلك للبليغ، فيرجح ما اقتضاه نظره فى المقام - فليفهم.
ذكر المسند
  (وأما ذكره) أى: ذكر المسند (فلما مر) فى باب المسند إليه منها كون ذكره الأصل، ولا مقتضى للعدول عنه. كقولك ابتداء زيد صالح، ومنها الاحتياط لضعف التعويل على القرينة، كقولك فى جواب من قال: من أكرم العرب فى الجاهلية وأشجعهم؟ عنترة أشجع وحاتم أجود، لضعف التعويل على القرينة، كما إذا كان الغرض إسماع غير السائل أيضا، والسؤال أخفاه المتكلم فخفت أن لا يسمعه وقد مثل هنا بقوله تعالى: {خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}(١) وورد عليه أن السؤال هنا كهو فى قوله تعالى: {لَيَقُولُنَّ اللهُ}(٢) فكيف يضعف التعويل على القرينة فى أحدهما دون الآخر مع اتحاد السؤال والمسئول والسائل؟ بل ذكر المسند لزيادة التقرير، وأجيب بما لا تظهر صحته، ولا مناسبة لهذا المقام، ولك أن تقول فى الجواب لما كان المسئولون أغبياء الاعتقاد لكفرهم، جاز أن يتوهموا أن السائل ممن تجوز عليه الغفلة عن السؤال، أو تجوز على من معه ممن يقصد إسماعه، أو ينزلوه منزلة من تجوز عليه، فيأتون بالجواب تاما؛ لقصد التقرر الذى أصله ضعف التعويل، بل بزعمهم الفاسد ووهمهم الكاسد،
(١) الزخرف: ٩.
(٢) لقمان: ٢٥.