مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الوجه الداخل في الطرفين والخارج عنهما

صفحة 113 - الجزء 2

  فيه ما يجب من النحو صح وصلح لفهم المراد، وإن لم تراع ما يجب فيه فسد، ولم يصلح لفهم المراد كما ينبغى، بل يكون فهمه كفهم المعنى من غير العربية، وليس فى هذا النحو المخصوص المراعى فى الكلام المخصوص جزئيات يمكن اعتبار بعضها دون بعض، فيكون اعتبار الكثير منها مفسدا والقليل مصلحا، بل تجب رعاية كل ما يتعلق به وما لا يتعلق به ليس بنحو. مثلا إذا قلنا: ما قام زيد، فالواجب من النحو فى هذا الكلام أن يكون هكذا من تقديم الفعل وتأخير الفاعل، وبناء ذلك الفعل الماضى على الفتح، ورفع ذلك الفاعل، وهذا القدر واجب، ومتى سقط شيء منه فسد الكلام، وإذا اعتبر صح، فلا قلة تصلح ولا كثرة تفسد، بل كله واجب مصلح، وإسقاط شيء منه مفسد، اللهم إلا أن يحمل الكلام على معنى أن رعاية الشواذ فيه هو المعنى بالكثرة كنصب الفاعل فى المثال، وهو بعيد؛ لأن رعاية الشواذ إسقاط لبعض الواجب، فليست ثم كثرة زائدة على الواجب فافهم، فتبين أن القلة والكثرة المعتبرة وجها لم توجد فى المشبه الذى هو النحو (بخلاف الملح) الذى هو المشبه به، فإنه يقبل القلة والكثرة باعتبار ما يجعل فيه من الطعام بأن يجعل فيه المقدار الكافى، فيصلح أو أقل أو أكثر فيفسد، وعلى هذا يفسد جعل الوجه ما ذكر لعدم صحة وجوده فى أحد الوجهين، وهو النحو، وإن صح وجوده فى الآخر، على أن القلة فى الملح ليست مصلحة للطعام دائما، بل ربما كانت مفسدة، فلا يتحقق صحة وجود الوجه حتى فى الطرف الآخر، فإن أريد بالقلة المقدار الكافى وأريد بالكثرة التعدى لما سوى ذلك كان الواجب تحويل العبارة إلى ما يدل عليه فافهم، وإذ فسد هذا الوجه وجب أن يجعل الوجه ما يعم الطرفين، ويصح اعتباره فى الإفادة فيقال: وجه الشبه بين النحو والملح فيما ذكر الصلاح بإعمالهما والفساد بإهمالهما.

الوجه الداخل فى الطرفين والخارج عنهما

  (وهو) أى: ووجه الشبه (إما غير خارج) أى إما أن يكون غير خارج (عن حقيقتهما) أى: عن حقيقة الطرفين، أعنى المشبه والمشبه به وغير الخارج يشمل الداخل