مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

غرض التشبيه بعوده إلى المشبه به

صفحة 177 - الجزء 2

  الاشتعال فيه نادر باعتبار وقود آخر، فبينهما غاية البعد، فعند حضور البنفسج يبعد حضور النار المذكورة، فإحضارها معها غاية فى الندور، ولو لم يمتنع وجودها كما فى بحر المسك موجه الذهب، فثبت الاستطراف فى التشبيه حيث حقق فيه العناق بين صورتين بينهما غاية المباعدة مع تشابههما هيئة، والعناق بكسر العين من عانق عناقا ومعانقة كقاتل قتالا ومقاتلة، وسبب الاستطراف فى المشبه إظهاره فى صورة أى: فى وصف النادر وإن كان ندوره مقيدا بوجود المشبه، والنادر يستغرب ويستطرف كما تقدم، ولك أن تقول: المستطرف حينئذ فى الحقيقة هو القران بين صورتين متباعدتين لا المشبه، اللهم إلا أن يقال لما تعلق بالمشبه كالمشبه به نسب إليه، تأمل.

غرض التشبيه بعوده إلى المشبه به

  ثم لما ذكر أن الغرض يعود إلى المشبه فى الأغلب أشار إلى أن الغرض قد يعود إلى المشبه به، ونعنى به مدخول الكاف ونحوها، سواء كان مشبها فى نفس الأمر أو مشبها به فقال: (وقد يعود) الغرض من التشبيه (إلى المشبه) لفظا، وإن كان مشبها معنى كما فى الضرب الأول من الضربين المشار إليهما بقوله: (وهو) أى: الغرض العائد إلى المشبه به (ضربان: أحدهما) أى: أحد الضربين.

إيهام أن المشبه به أتم من المشبه فى وجه الشبه

  (إيهام) أى: أن يوقع المتكلم فى وهم السامع (أنه) أى: أن المشبه به لفظا (أتم) فى وجه الشبه (من المشبه) لفظا، وإن كان مشبها به معنى، (وذلك) الإيهام الذى هو الغرض إنما يوجد (فى التشبيه المقلوب)، وهو الذى يجعل فيه المشبه الذى هو الناقص بالأصالة مشبها به، ويجعل فيه المشبه به الذى هو الكامل بالأصالة مشبها، وإذا جعل كذلك صار بمقتضى أصل تركيب التشبيه الناقص كاملا وهو المشبه به لفظا والكامل ناقصا وهو المشبه لفظا وذلك (كقوله) أى: محمد بن وهيب (وبدا)⁣(⁣١) أى: ظهر (الصباح) يحتمل أن يراد به الضياء التام عند الإسفار، ويحتمل أن يراد به ما كان قبل


(١) البيت لمحمد بن وهب الحميرى فى مدح الخليفة المأمون الإشارات ص (١٩١)، والطيبى فى شرح المشكاة (١/ ١٠٨) بتحقيق د. عبد الحميد هنداوى.