مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

أنواع الاستعارة باعتبار الطرفين:

صفحة 296 - الجزء 2

أنواع الاستعارة باعتبار الطرفين:

  (وهى) أى: والاستعارة تنقسم باعتبار الطرفين وباعتبار آخر غير ما ذكر فهى (باعتبار الطرفين) أعنى المستعار منه والمستعار له (قسمان).

  القسم الأول: الوفاقية، وهى التى يمكن اجتماع طرفيها في شئ واحد.

  والثاني العنادية وهى التى لا يمكن اجتماعهما. وإلى هذا أشار بقوله (لأن اجتماعهما) أى: إنما قلنا إنها تنقسم إلى قسمين باعتبار الطرفين؛ لأن اجتماع طرفيها (في شئ) واحد (إما ممكن) بأن يكون المعنى المنقول إليه ومنه لا تنافي بينهما، فيصح كونهما وصفين لشئ واحد وذلك (نحو) أى: المصدر المشتق منه (أحييناه فى) قوله تعالى {أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ}⁣(⁣١) أى) كان (ضالا فهديناه) فقوله: أحييناه مأخوذ من الإحياء وهو إيجاد الحياة في الشئ وإعطاؤها له، وقد استعير لإيجاد الدلالة على الطريق الموصلة إلى المقصود. ووجه الشبه بين إعطاء الحياة وإيجادها لموصوفها، وبين إيجاد الدلالة على الطريق الموصلة إلى المقصود ترتب الانتفاع والمآثر على كل منهما، كما أن وجه الشبه بين الإماتة والإضلال ترتب نفى الانتفاع، ولا شك أن الإحياء والهداية يمكن اجتماعهما في موصوف واحد، وقد اجتمعا في جانب الله تعالى لأنه أحيا وهدى.

  وقولنا الإحياء والهداية يمكن اجتماعهما أولى من قول المصنف فى الإيضاح والحياة والهداية مما يمكن اجتماعهما؛ وذلك لأن أحيا فعل مأخوذ من الإحياء لا من الحياة فالإحياء هو المستعار حقيقة، وإن تضمن استعارة الإحياء استعارة الحياة أيضا، وإنما قلنا نحو المصدر المشتق منه أحييناه، ولم ندع اللفظ على ظاهره؛ لأن الاستعارة في أحييناه تبعية لكونه فعلا فجعلها في المصدر أولى لأصالته، ولم يعتبر المصنف في هذا القسم استعارة الموت للضلال، ولذلك قال نحو أحييناه؛ لأن الطرفين أعنى الموت والضلالة لا يمكن اجتماعهما إذ الضلال سلوك طريق تؤدى إلى العطب كالكفر والموت لا يجامع ذلك الضلال أعنى الكفر، إذ لا يقال في الميت ضال وأما كون الكافر


(١) الأنعام: ١٢٢.