الفصل لعدم الاشتراك في القيد
الفصل لعدم الاشتراك في القيد
  (وإلا) يقصد ربط الثانية بالأولى على معنى عاطف سوى الواو، وذلك صادق بصورتين:
  إحداهما: أن لا يقصد ربط أصلا؛ وذلك بأن لا يراد اجتماعهما فى الحصول الخارجى، كما إذا أخبر بجملة ثم تركت فى زاوية الإهمال، فأخبر بأخرى كقولك: «زيد قائم» ثم أضربت عنها فقلت: «بل عمرو قاعد»، وهذه الصورة أمرها ظاهر، ولذا لم يتعرض لها فى الجواب.
  والأخرى: أن يقصد الربط بينهما بأن يقصد اجتماع حصول مضمونهما خارجا؛ لكنه على معنى عاطف هو الواو (ف) حينئذ (إن كان للأولى حكم لم يقصد إعطاؤه) أى: إعطاء ذلك الحكم (للثانية)، بأن قصد اختصاص الأولى به (فالفصل) هو الواجب، وإنما وجب الفصل؛ لأن الوصل وهو العطف يقتضى التشريك فى حكم الأولى، وهو نقيض المقصود على هذا الفرض فقوله: «وإلا شرط وجوابه» الشرط الثاني مع جوابه وذلك (نحو) قوله تعالى {وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ ١٤ اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}(١) فإن جملة «قالوا» مقيدة بظرف هو إذا بمعنى أنهم إنما يقولون: إنا معكم فى حال خلوتهم بشياطينهم، لا فى حال وجود أصحاب محمد ﷺ ف (لم يعطف) جملة ({اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} على) جملة ({قالُوا}) وقوله (لئلا يشاركه) تعليل للنفى أى: انتفى العطف لئلا يشاركه أى: لتنتفى مشاركة الثانية للأولى (فى الاختصاص) بذلك (الظرف) وهو إذا وإنما قلنا: إن الظرف مختص بمعنى أنهم إنما يقولون إنا معكم إذا خلوا، لا فيما إذا كانوا مع غير شياطينهم (لما مر) وهو أن تقديم المعمول يفيد الاختصاص سواء كان المعمول مفعولا أو ظرفا أو مجرورا أو غير ذلك، فلو عطف جملة {اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} على جملة {قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} أفاد العطف تشريك الجملتين فى الاختصاص بالظرف فيكون المعنى:
(١) البقرة: ١٤، ١٥.