مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

القول في الحمد والشكر

صفحة 94 - الجزء 1

  (غوث الأنام) يستغيثون بها على دفع كل ملم (ب) جاه (النبى) محمد (و) بجاه (آله عليه وعليهم أفضل الصلاة والسّلام) انته شرح الخطبة، فلنشرع بعدها فى المقصود، فنقول: ابتدأ المصنف كتابه بعد التبرك بالبسملة بجملة الحمدلة لدلالتها على الدوام والثبوت، ولكونها فاتحة الكتاب العزيز، ولورود الأمر بالابتداء بها فى الحديث الشريف مع تضمنها أداء شكر بعض ما يجب شكره من النعم التى تأليف هذا الكتاب من آثارها فقال:

القول في الحمد والشكر

  (الحمد لله) الحمد هو الثناء باللسان على قصد التعظيم، والشكر فعل فيه تعظيم المنعم بسبب النعمة فحين لم يقيد الحمد بكونه فى مقابلة النعمة صح أن يكون متعلقه النعمة، وأن يكون مجرد استحقاق الكمال، وقد قيد باللسان، فلا يرد إلا منه. وحين لم يقيد الشكر بكونه فعل اللسان صح وروده منه ومن سائر الأركان، وقد قيد بكونه فى مقابلة الإحسان فلا يكون متعلقه غيره، فالحمد على هذا أخص موردا إذ لا يرد إلا من اللسان، وأعم متعلقا، لصحة كون متعلقه الإحسان وغيره، والشكر أعم موردا لوروده من اللسان وغيره، وأخص متعلقا؛ لأنه لا يكون إلا فى مقابلة الإحسان، فلهذا كان بينهما عموم من وجه يجتمعان فى الفعل اللسانى فى مقابلة الإنعام، وينفرد الشكر فيما يكون بغير اللسان، والحمد فيما يكون لا فى مقابلة الإحسان، وهذا أمر مشهور معلوم.

  والله: علم على ذات واجب الوجود المستحق لكل كمال؛ ولذلك علق به الحمد لئلا يتوهم اختصاص استحقاق الحمد لو علق بوصف كالرزاق مثلا بجهة ذلك الوصف فتضمن الكلام الاستحقاق الذاتى وسينبه على الاستحقاق الإحسانى بقوله بعد على ما أنعم، وأل فى الحمد للجنس؛ لأنه المتبادر عند انتفاء قرينة إرادة عموم الأفراد، والعهد الخارجى، ومع ذلك لا ينافى الاختصاص؛ لأن التعريف بالألف واللام الجنسية مع كون الخبر ظرفا خاصا مما يفيد الاختصاص كقولنا: الكرم فى العرب والشجاعة فى قريش، والطريق فى إفادته أن التخصيص بالجنس من حيث هو يستلزم انتفاء كل فرد