مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،

أحمد بن محمد بن يعقوب (المتوفى: 1128 هـ)

الوجه الرابع: الإيغال

صفحة 661 - الجزء 1

الوجه الرابع: الإيغال

  (وإما بالإيغال) عطف على الإيضاح أى: الإطناب يحصل إما بالإيضاح وإما بكذا وإما بالإيغال وأصله من أوغل فى البلد إذا أسرع السير فيها حتى أبعد فيها وأدخلها مداخلة القطع لكثيرها واختلف فيه اصطلاحا (فقيل) هو مخصوص بالشعر فعليه يقال فى تعريفه (هو ختم البيت بما) أى: بجملة أو غيرها مما (يفيد نكتة) لا يتوقف أصل المعنى عليها بل (يتم) أصل ذلك (المعنى) المراد (بدونها) أى: بدون تلك النكتة، وإنما قال: يتم إلى آخره إشارة إلى أن النكتة فى الجملة لا تختص بما يتم المعنى بدونه بل يجوز أن يتوقف عليها كما يتوقف أحيانا على بعض الفضلات وهذا التعريف يدل على أن الإيغال اسم للمعنى المصدرى لا للفظ المختوم به، وقد يطلق عليه ولذلك يقال: هذا اللفظ أو هذه الجملة إيغال. ثم لتلك النكتة بقوله (كزيادة المبالغة) فى التشبيه الحاصلة بتشبيه الشيء بما هو غاية فى وجه الشبه الذى أريد مدح المشبه بتحققه فيه وذلك كما (فى قولها) أى: قول الخنساء فى مرثية أخيها صخر مادحة له فى تحقيق الاقتداء به فى المعالى (وإن صخرا لتأتم)⁣(⁣١) أى: لتقتدى (الهداة) أى: الذين يهدون الناس إلى المراشد والمعالى، فكيف بالمهتدين (به) أى: بصخر ثم بينت كماله فى وصف الهداية بإلحاقه بما هو النهاية فى الاهتداء حسا بقولها (كأنه) أى: صخرا (علم) أى: جبل مرتفع. ولا شك أن فى إلحاقه بالجبل المرتفع، الذى هو أظهر المحسوسات فى الاهتداء، به مبالغة فى ظهوره فى الاهتداء، ثم زادت المبالغة بوصف العلم بقولها (فى رأسه) أى: فى رأس ذلك العلم (نار) لأن وصف العلم المهتدى به بوجود نار على رأسه أبلغ فى ظهوره فى الاهتداء مما ليس كذلك، فتنجر المبالغة إلى المشبه الممدوح بالاهتداء به، وعلى هذا فتكون الإضافة فى قوله كزيادة المبالغة على أصلها، ويحتمل أن تكون بيانية أى: الزيادة التى هى المبالغة بناء على أن التشبيه لا مبالغة فيه إذ هو حقيقة لا مجاز. والخطب فى مثل


(١) البيت للخنساء فى ديوانها ص (٨٠) ويروى:

أغر أبلج تأتم الهداة به

وهو في المصباح ص (٢٣٠)، وتاج العروس (صخر)، وجمهرة اللغة ص (٩٤٨).