الإيجاز والإطناب النسبيان
  يتم إلا بتعين كونها كذلك وليس بمتعين لاحتمال أن تكون اعتراضية. نعم المتبادر كونها للعطف فيخرج عنها كما أشرنا إليه آنفا فافهم.
  ثم إنه قد تقدم أن وصف الكلام بالإيجاز، يكون باعتبار أنه أدى به المعنى حال كونه أقل من عبارة المتعارف مع كونه وافيا بالمراد، ووصفه بالإطناب يكون باعتبار أن المعنى أدى به مع زيادة فيه على المتعارف لفائدة. وأشار هنا إلى أنه يوصف بهما باعتبار قلة الحروف كثرتها وإن كان كل منهما مساواة لجريان العبارتين معا فى المتعارف، فالأكثر حروفا منهما إطناب باعتبار ما هو دونه عند البلغاء. والأقل منهما إيجاز باعتبار أن ثم ما هو أكثر منه عند البلغاء. وإلى أن الإطناب والإيجاز يوصف بهما الكلام بهذا الاعتبار أشار بقوله:
الإيجاز والإطناب النسبيان
  (واعلم) أيها الطالب للعلم (أنه) أى: الشأن هو قوله (قد يوصف الكلام) فى اصطلاح القوم (بالإيجاز والإطناب باعتبار كثرة حروفه) بالنسبة إلى كلام آخر (وقلتها بالنسبة إلى كلام آخر مساو له) أى: لذلك الكلام الأقل والأكثر حروفا (فى أصل المعنى) فيقال للأكثر منهما إطناب وللأقل إيجاز وإن تساويا فى أصل المعنى، وذلك (كقوله) أى: كقول أبى تمام (يصد) أى: يعرض (عن الدنيا) التى فيها الراحة والنعمة بالغنى (إذا عن) أى: عرض وظهر له (سؤدد) أى سيادة ورفعة فى غير تلك الدنيا، وتلك الراحة والنعمة. وتمامه ولو برزت أى: ظهرت تلك الدنيا فى زى - أى: فى صفة عذراء ناهد - أى: واقفة النهدين أى: يعرض عن الدنيا طلبا للسؤدد، ولو كانت الدنيا على أحسن صفة تشته بها؛ لأن المرأة أقوى ما تشته أن تكون عذراء ناهدا (و) ك (قوله) أى: كقول الشاعر الآخر (ولست) بضم التاء على أنها للمتكلم، بدليل أن ما قبله للمتكلم وهو قوله:
  وإنى لصبار على ما يصيبنى ... وحسبك أن الله أثنى على الصبر(١)
(١) البيت لأبى تمام فى ديوانه ص (١١٢)، وشرح عقود الجمان (١/ ٢١٨).