خاتمة
خاتمة
  ذكر فيها تقسيما للتشبيه باعتبار ضعفه وقوته مبالغة وتوسطا، وذلك إذا كانت تلك القوة أو ذلك الضعف بالنظر إلى حذف بعض أركان التشبيه وعد ذلك الحذف، والأركان تقدم أنها أربعة: المشبه به، والمشبه، والأداة، والوجه، فالمشبه به منها يجب ذكره متى أريد إفادة نسبة التشبيه وتحقيقها بين الطرفين؛ لأنه متعلق تلك النسبة وهو الملحق به غيره كالأصل المقيس عليه، وإلا بطل الإلحاق، وذلك أن المخاطب فى الخبر التشبيهى يتصور المشبه أولا فيطلب من ينتسب إليه ويتشبه هو به، فهو كمثبت الأحكام القياسية لا يتمكن له ذلك إلا بذكر الأصل المقيس عليه، وأما قول القائل زيد فى جواب من قال: من هو مثل الأسد؟ وقوله: فى طول القامة فى جواب من قال: فى أى شيء يشبه زيد عمرا فلا ينتقض به ما ذكر؛ لأنه عرف فى المقايس نسبة التشبيه فسأل عن الوجه فى المثال الثانى، وعن الطرف الأول فى المثال الأول، كذا قيل: وفيه نظر؛ لأن حذف المشبه أيضا إنما هو إن عرفت النسبة باعتباره وجهلت باعتبار المشبه به، فلا فرق بين تركيب الذكر لأحد الطرفين وتركيب الذكر للطرف الآخر فى أن المجهول يذكر والمعروف يحذف، ومتى جهلا معا باعتبار التشبيه ذكرا، فإيجاب ذكر المشبه به دون المشبه تحكم، وكذا الوجه إذا تعلق به الغرض وحده دون غيره ذكر وإن لم يتعلق به بل تعلق بحذفه حذف، وأما الجواب عن ذلك بأن ذلك، أعنى ذكر المشبه دون المشبه به وذكر الوجه وحده ليس من تراكيب البلغاء فلا يتم أيضا ضرورة أن الحذف والذكر متى تعلق الغرض بأحدهما لاقتضاء المقام إياه ارتكب، كما تقدم فى الفن الأول، بل الجواب أن يقال: لما كان اللازم على حذف أحد الطرفين فى القوة والضعف هو اللازم على الآخر جعل المشبه فى التقسيم دون المشبه به، لكثرة حذف الأول دون الثانى؛ لأنه بمنزلة الخبر المستفاد من الجملة فجعل كالمذكور دائما، فإذا تقرر أن المشبه به لا يراعى حذفه فى التقسيم، فالمشبه إما محذوف أو مذكور وعلى التقديرين - أعنى حذفه وذكره - إما أن يذكر وجه الشبه أو يحذف، فهذه أربعة أحوال للجملة التشبيهية حاصلة من ضرب حالى ذكر الوجه وحذفه فى حالى ذكر المشبه